أثار قرار أعلن عنه وزير الإعلام المصري ممدوح البلتاجي الأسبوع الماضي بتشكيل لجنة تشرف على إنتاج الدراما التلفزيونية المصرية انتقادات حادة في مصر حيث رأى نقاد أنه سيحد من حرية العمل الإبداعي. وفي تصريحات صحافية، تحدث وزير الإعلام الأسبوع الماضي عن تعديل توجهات الدراما المصرية التي تراجعت أمام مثيلتها السورية. وأوضح أنه «لن يسمح لأي مبدع بأن ينشر إبداعه من خلال أجهزة التلفزيون (.....) إلا إذا كان إبداعاً مسؤولاً يضع في اعتباره قيم وتقاليد المجتمع». وأكد أن «الإعلام لن يكون وسيلة لبث السموم تحت مسمى الإبداع»، مؤكداً أنه «سيعرض بعض المسلسلات على الأزهر والكنيسة». وفي هذا الإطار قرر وزير الإعلام منع عرض مسلسل «بنت من شبرا» من بطولة ليلى علوي في رمضان وعرضه على الكنيسة والأزهر، معتبراً أنه «يمس بالوحدة الوطنية لتطرقه إلى العلاقة بين المسيحيين والمسلمين». وقد أثارت هذه الخطوة الكثير من انتقادات كتاب الدراما ونقادها. وقد اعتبرها الناقد مجدي الطيب أشبه «بقانون طوارئ درامي»، في إشارة إلى قانون الطوارئ الذي تطبقه الحكومة المصرية منذ 1981م وتطالب المعارضة بوقف العمل به. ورأي أن تصريحات وزير الإعلام «تتسم بالعصبية ولا تخلو من الديكتاتورية»، موضحاً أن «الاتفاق على مراعاة المصالح القومية ومراعاة الذوق والحياء العام لدى المجتمع شيء لا يختلف عليه الجميع لكنه لا يمكن أن يصح سببا في مصادرة عمل إبداعي مثل مسلسل (بنت من شبرا). أما كاتب الدراما التلفزيونية أسامة أنور عكاشة، فقد عبر عن «أسفه الشديد» لتصريحات الوزير ومنع المسلسل. ورأى أن الاجراءين يكشفان عن «افتعال رقابات جديدة وفرض مزيد من القيود التي تفرض على الفنان والمبدع». وأشار إلى أن منع مسلسل «بنت من شبرا» من العرض يشير إلى الكثير من «السلبيات خصوصاً أن المسلسل يتطرق إلى رفض التطرف الديني والتعصب العرقي ويعارض التطبيع مع إسرائيل ويفضح دور الحركة الصهيونية في مصر في الثلاثينيات والأربعينيات ودورها في محاربة الحركة الوطنية المصرية». وأعاد أسباب المنع إلى «الخلافات القائمة بين وزير الإعلام ورئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون السابق حسن حامد الذي وضع المسلسل على خارطة العرض»، موضحاً أن البلتاجي «الغى القرار ووضع بدلاً منه مسلسل (لقاء على الهواء) بحجة كمية الإعلانات الممنوحة للأخير». ورأي الناقد سيد محمد أن «تشكيل لجنة لاختيار الأعمال الدرامية التي يمكن انتاجها وعرضها على التلفزيون يضيف رقابة جديدة على ابداعات كتابها إلى جانب الرقابة الموجودة في التلفزيون أساساً». وأضاف أن وزير الإعلام فرض «رقابة دينية على الإبداعات الفنية من خلال تحويل بعض الأعمال إلى الأزهر والكنيسة ويبدو أن المسلسلات التي ستكتب عن أي فئة سيتم تحويلها إلى طائفتها للبت فيها». وتساءل «ماذا تبقى من الدراما بهذه الطريقة؟» ورأى عكاشة أن الدراما أصبحت «مغسولة مقلمة الأظافر (....) ولا يمكن لها أن تنجح لأن لا أحد يستطيع أن يفرض على المبدع رؤيته». وأضاف أن «من يحاكم المبدع هو المشاهد والنقاد (....) هم يحددون جودة العمل أو سوءه لكن لا يمكن كتابة الفن بناء على توجيهات سياسة لأي جهة مسؤولة كانت». وأكد عكاشة أن قرار وزير الإعلام يعني أن «المطلوب دراما لا تحمل هموم الشعب بل تدغدغ مشاعرهم لأنها تريد أن تثبت أن كل الناس (حلوين ومهذبين) ولا مشاكل لديهم بما يخالف الواقع». يذكر أن مسلسل بنت من شبرا الذي أخرجه جمال عبدالحميد عن رواية للروائي الراحل فتحي غانم تحمل الاسم ذاته يتطرق الى علاقة حب بين البطلة وهي أيطالية من مواليد مصر وبين شاب مسلم ويغطي فترة تمتد من 1938 إلى 1985م.