بالقرب من المقعد الذي جلست عليه عند حافة الحديقة الكبرى (الغابة).. كانت توجد بعض السناجب التي تتقافز وتتحرك بخفة ورشاقة يغبطون عليها..وبينما جلست اتابع بعضهم.. اقترب مني أحدهم وبدأ في الاقتراب أكثر. فتسلق جذع شجرة عملاقة وراح يراقبني بحذر. تمنيت لحظتها لوكان معي ما اقدمه له من طعام .. فاكهة أو اي نوع من الفتات..وعلى مسافة أمتار كان فتية يلعبون. وفجأة قذف فتى الكرة وبدون قصد انطلقت في اتجاه الشجرة .. فتحرك السنجاب من مكانه واختفى بين الاغصان.. وراح ينظر إلي ولسان حاله يقول: هل رأيت الازعاج.؟ لقد كادت الكرة تحطم جسدي الصغير.! وراح يتحرك ببط وهو يواصل نظره الي..لم اتردد لحظتها أن أجهز الكاميرا لألتقط له أكثر من صورة .. ! استمر ينظر لي شزرا تارة وتارة أخرى باهتمام.. ورحت أصيخ السمع له .. أو أتخيل أنه يريد أن يتحدث معي.! نعم إنه ينظر لي بعينيه الواسعتين الغامقتين واللتين كانتا تسمحان له بامتلاك حقل رؤية وعمق نظر كبيرين ما يمكنه من تقدير المسافات الواقعة بين الأغصان بدقة متناهية قبل أن ينطق ببنة شفة.! وماهي إلا لحظات فإذا هو يقول: أشعر أنك رجلا غريبا لست من أبناء هذه البلاد .. ماعلينا لقد تعودت وجميع أفراد أسرتي على مشاهدة الغرباء .. فشكرته على لطفه وعدم نفوره مني أو محاولة الهرب. فرد وهو يحرك مخالبه القوية والحادة، ومفاصله المرنة في المعصم والكاحل، التي بإمكانها أن تمشي متعلقة بأسفل أغصان الأشجار للوصول إلى الطعام او النتقل بحرية وسرعة قائلا: نحن السناجب ننتمي للقوارض نعشق الطبيعة ونعيش في كلّ أنحاء العالم وعلى الأخص المناطق التي تتمتع بمثل هذا الطقس الرائع ويمكن مشاهدتنا عادة في المتنزهات والغابات.. وأضاف وهو يقرض شيئا لم أتمكن من معرفته هل هو فطريات، أم بيض الطيور، أضاف وهو يحرك عينيه الواسعتين نقضي وقتاً طويلاً في بحثنا عن الطعام بين الأشجار أو على الأرض.. ونسعد كثيرا عندما يتردد على غاباتنا أو المتنزهات التي نتواجد فيها حاملين لنا بعض الطعام.. والحمد لله خير الأرض كثير فنحن ومن خلال مخالبنا نبحث عن كل مايمكننا أكله .؟! فقلت له وأنا التقط له صورة أخرى: ألايشكل هذا أضرارا بالغابات والمتنزهات.؟ فرد باسما وبدت قوارضه واضحة وضوح ذيله الجميل المكتنز بالفرو بعدما اعتدل في مكانه: لا ياسيدي فأنتم البشر وراء مايحدث في الغابات والمتنزهات من أضرارمختلفة.. مما يؤدي ذلك إلى تدمير وربما موت الأشجار القيِّمة وحتى تأثر البيئة اليس كذلك .؟! فشعرت بالخجل فكلامه إلى حد ما حقيقي ومعاش فهناك وفي مختلف المجتمعات من يساهم في تدمير غاباته بل ويتسبب في كوارث حريق .؟! وناس كثيرون لايدركون ما يتسببون فيه من أضرار .. لكن ياسيد سنجاب ولأكون صريحا معك، أقول لك بشفافية: أنتم يامعشر السناجب تقضمون قلف الأشجار بأسنانكم الحادة ماشاء الله .؟! وضع السنجاب مخلبه على أذنيه في غمرة من الحزن والضيق .. بينما نظراته الحادة فيها الكثير من العتاب وقال: هذا اتهام مرفوض فنحن نقرض القلف واللحاء بحثا عن الغذاء وهذه سنة الحياه .. نحن لانشعل النار .. ولا نطلق الرصاص في اتجاه سنجاب أو ثعلب من أجل فروته الكثة! وراح يتملل في مكانه فتململت معه الأغصان ..وقال أنتم: يا أبناء البشر لاتقدرون ماوهبكم الله سبحانه وتعالى من نعمة كبرى وطبيعة زاخرة بكل جميل ومفيد .. ثم زفر زفرة حرى واسترخى على فرع كبير من الأغصان وقال: على العموم حياك الله في هذه الغابة التي تحولت إلى حديقة كبيرة وواسعة كما ترى! قال ذلك بثبات وكبرياء وسط هذا المكان العابق بأريج المئات من الأزهار والضاجة بهمس الحشرات وطنينها.. انتصبت واقفا لالتقط له صورة جديدة.. وإذا به يثب ويتمايل في قفزات مرحة بل مدهشة ومثيرة وقال وهو يبتعد: وداعا أيها الغريب.. والعصافير من فوقنا تصدح بالحان بهيجة!