خلال السنوات الطوال من عمره الفني بقي العود صديقه الأول الذي قدم من خلاله الكثير جداً من الروائع اللحنية لمطربين ومطربات وصلوا قمة الشهرة من أمثال صباح، نجاح سلام، أصالة، صباح فخري، فهد بلان، كما لحن لابنته أمل عرفة التي أثبتت نجوميتها في الغناء والتمثيل معاً، وهو يرى أن العديد من الأصوات الشبابية تمتلك الصوت الجميل والموهبة فيما يرى أن معظم هذه الأصوات من النوع النشاز التي تقدم الفن الهابط، كما أنه معجب بصوت أنغام وبعض الفنانين والفنانات الذين يتمتعون بموهبة فنية أصيلة ومتمكنين من أدواتهم الفنية، ويحاولون تطويرها باستمرار من خلال الدراسة والتعب والحرص على الظهور بمظهر لائق متجدد أمام الجمهور.. إنه الملحن السوري سهيل عرفة الذي كان لنا معه هذا اللقاء. ٭ كم مضى على وجودك في الساحة الفنية؟ - قرابة الخمسين عاماً، حيث سجلت أول ألحاني لأغنية الفنانة الكبيرة نجاح سلام عام 1958، وعنوانها (رمانا بحبه) من كلمات عمر حمدي. ٭ من أشهر المطربين والمطربات الذين غنوا من ألحانك؟ - لحنت للكثير من الفنانين والفنانات من أمثال صباح أغنيتها (عا البساطة) ووديع الصافي ودلال الشمالي التي لحنت لها الأغنية المشهورة (من قاسيون أطل عليك ياوطني) وسميرة توفيق، وصباح فخري وأمل عرفة وغيرهم. ٭ ما أقرب الآلات الموسيقية لك؟ - العود فهو آلة شرقية ساحرة تلازمني دائماً، وأعتبره صديقي الوفي طيلة حياتي الفنية. ٭ لك موقف غير ودي من المطربين الشباب. - هذا الموقف ليس نابعاً من تجاهل شخصي لهم، فالفنان الجيد أقدره وأحترمه، لكن كل من هب ودب أصبح يدعي أنه فنان، وصار الفن عمل من ليس له عمل. ٭ من يعجبك من الفنانين؟ - أصالة، أنغام، على الحجار، سميرة سعيد، لطيفة، أمل عرفة. ٭ بم تختلف أمل عن والدها؟ - لها تجربتها الخاصة، فهي جامعية، ومثقفة فنية عالية، ويعجبني فيها الإصرار والذكاء والحضور الجيد سواء في الغناء أو التمثيل. ٭ يقال إنك تعرف ماتريده أمل، لذلك تنفذ لها ذلك من منطلق العواطف الأبوية؟ - الفن لاتتدخل فيه العواطف الأبوية إلا من قبيل النصح والإرشاد. ٭ من الذي اكتشف سهيل عرفة؟ - منذ الصغر عشت في جو روحاني خالص مشبع بالأنغام والتراتيل الدينية، والموسيقية فقد كنت أذهب مع والدي إلى المسجد فأتشرب تلك الابتهالات الدينية التي كانت تقام في المناسبات والمولد، ثم اشتغلت في مهنة تصليح الراديو حيث صرت أتسمع الأغاني، وشاءت الصدف أن تعرفت على المرحوم عبدالعزيز خيرت الذي عرفني على عدنان قريش شيخ الملحنين في ذلك الوقت، ومحمد عبدالكريم حيث كان لهما الفضل في دخولي الإذاعة، ثم انتقلت إلى لبنان عام 1958 بعد أن صنفني المرحوم حليم الرومي الذي كان رئيساً لدائرة الموسيقا ملحناً مهماً في إذاعة لبنان. ٭ لو قارنت بين بدايتك الأولى والمرحلة الحالية من تجربتك الفنية، فماذا تقول؟ - مما لاشك فيه أنني كنت في قمة الاندفاع والحماس والعشق للفن، وكان الفنان في تلك الفترة له دور مؤثر في المجتمع، ويشعر بالسعادة لأن أغنيته يحفظها الناس عن ظهر قلب، ويرددونها دائماً، أما اليوم وأنا مازلت ممسكاً بعودي أرى الكثير من الدخلاء على الساحة الفنية وهذا يؤلمني حقاً. ٭ هل تشعر أن أغنياتك التي لحنتها باتت قديمة أمام هذا الزحف للأغنية الشبابية؟ - أولاً أنا مازلت ملحناً حتى هذه اللحظة، أما بالنسبة للأغاني التي لحنتها منذ فترة طويلة، فما زال بعضها يتردد على ألسنة الناس، لأنها أغان حية لاتغيب ولاتموت باعتبارها نابعة من إحساس صادق، مثل (عا البساطة) التي غنتها صباح، وغيرها كثير، كانت الأغنية في الماضي جديرة بالسماع والاحترام، أما اليوم فإن العديد من الأغاني مثل فقاقيع الصابون سرعان ما تتلاشى. ٭ ألا تفكر في الاعتزال؟ - الفنان الأصيل لايعرف الاعتزال لأن الفن يسري في دمه، حتى لوعاش الإنسان وقت فراغ عندما يكبر، فلا يوجد أفضل من الموسيقا كي يملأ بها هذا الفراغ. ٭ كيف ترى الأغنية الخليجية؟ - الأغنية الخليجية حافظت على أصالتها وتطورت بصورة ملحوظة، مما أدى إلى انتشارها على مستوى الوطن العربي. ٭ كصاحب تجربة فنية طويلة، ماتوقعاتك لمستقبل الأغنية العربية؟ - أنا متفائل جداً بشأن المستقبل، لأن ما نمر به لايشكل قاعدة ذهبية للأغنية العربية، هناك تداخلات، وطفرة معينة، ومع ذلك فهناك الكثير من الفنانين الرائعين الصامدين في وجه هذه الموجة، يقدمون بإرادتهم وأصواتهم الحلوة الجميلة وحبهم للفن أغنيات يخلدها الزمن، لذلك فإن المستقبل لصالح الأغنية العربية.