الأمواج العاتية تحيط بالعالم من كل جانب؛ تتلاهث أحداثها وتتلاحق أخبارها بسرعة مذهلة. هناك من اختار ركوب الموج مغامرا أو مرغما. وهناك من اختار الجلوس على صخور الشاطئ يحمل مناظير التكبير يتابع ويخطط ويدرب؛ وآخرون اختاروا أكثر الأماكن أمانا وبعدا عن طيش الموج للجلوس والتفرج عن بعد؛ وفئة أخرى اختارت أن تحمل الكاميرا وتلتقط اللحظات الحرجة. والكل فاعلا ومفعولا تابعا ومتبوعا يتابع ولا يعلم ماذا تخبئه التيارات البحرية الكامنة والمتفجرة في أية لحظة. ولا أحد يعلم متى ستأتي الموجة الغاضبة التي ستعلو وتغرق الجميع! التأمل في واقعنا المتلاطم يشبه كثيرا متابعة رياضة التزلج على الأمواج والمعروفة باسم "وايكيكي" باللغة الهاوائية في جزر هاواي التي اشتهرت سواحلها على المحيط الأطلسي بارتفاع مستوى الأمواج؛ فأصبحت هذه الرياضة تشغل السكان بكافة طبقاتهم وأعمارهم حتى سمي شاطئ هونولولو باسم "وايكيكي" . ولأن المناخ في هاواي معتدل تقريبا طيلة العام فإن الوايكيكي يستمر طول السنة وتقام المسابقات العالمية في هاواي ويأتي عشاق الأمواج من جميع أنحاء العالم. الحقيقة أن تلك الرياضة تشبه كثيرا أحوال الحياة والناس. كنت واحدة من الذين اختاروا متابعة صراع الأمواج عن طريق العدسة. ولأن المصور يصور بعقله قبل عينه رحت أتأمل ذلك الحماس لخوض غمار الأمواج المهيبة بصوتها فضلا عن ارتفاعها الشديد. أتعجب لرغبة هؤلاء المغامرين الرياضيين الذين يصارعون الموج بذكاء فهم لا يجابهونه بتحد بل يعانقونه بحب وينحنون لرغبته حتى يعتلوه في اللحظة المناسبة باستمتاع وتناغم . أما المغامرون الذين يركبون أمواج الصراعات من حولنا فهم يجابهون العالم ويكسرون قواعد الحياة والطبيعة بتحد سافر فلابد أن يبتلعهم الموج الغاضب وإن كانوا محترفين.