سلم أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني مقاليد السلطة امس إلى ابنه الشيخ تميم في مسعى لضمان انتقال سلس للسلطة. لكن لم يورد الشيخ حمد في كلمته اي ذكر مباشر لرئيس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني وهو سياسي مخضرم كان متوقعا على نطاق واسع أن يتنحى أيضا. وفي بث حي على شاشة التلفزيون القطري لكلمة استغرقت سبع دقائق قال الشيخ حمد انه حان الوقت كي يتسلم جيل جديد زمام السلطة بعد ان بقي على رأس الدولة 18 عاما. وقال الشيخ حمد «منذ ان ترعرعت على ارض قطر والله يعلم اني ما اردت السلطة في ذاتها ولا سعيت اليها من دوافع شخصية بل هي مصلحة الوطن أملت علينا ان نعبر به الى مرحلة جديدة ولقد حان الوقت ان نفتح صفحة جديدة اخرى في مسيرة وطننا يتولى فيها جيل جديد المسؤولية بطاقاتهم المتوثبة.» وأضاف «انني اليوم أخاطبكم كي أعلن أنني أسلم مقاليد الحكم للشيخ تميم بن حمد ال ثاني وانا على قناعة تامة أنه أهل للمسؤولية جدير بالثقة وقادر على حمل الامانة وتأدية الرسالة.» الشيخ حمد وإلى يمينه أمير قطر الجديد الشيخ تميم في مناسبة سابقة (رويترز) وعرض التلفزيون القطري في وقت لاحق لقطات للمهنئين الذين توافدوا على الديوان الاميري لتمني دوام الصحة للشيخ حمد وتهنئة الشيخ تميم. ولم يحدد الأمير في كلمته متى سيحدث هذا الانتقال لكن مسؤولا قطريا قال انه فور الاعلان عن التغيير يصبح ساريا. وعشية نقل السلطة أصدر الشيخ حمد مرسوما مدد فترة مجلس الشورى وهو ما يعني في واقع الامر تأجيل الانتخابات الى أجل غير مسمى بعد ان كانت متوقعة في النصف الثاني من العام. وكانت هذه الانتخابات ستصبح الاولى بالنسبة لمجلس الشورى الذي ينتخب 30 عضوا من بين اجمالي اعضائه البالغ عددهم 45 عضوا بينما يعين الأمير الباقين بموجب دستور تمت الموافقة عليه عام 2003. وكان قد تم تعيين كل اعضاء المجلس الحالي. وكان دبلوماسيون قالوا إن الأمير البالغ من العمر 61 عاما الذي نحى والده عام 1995 كان يعتزم منذ وقت طويل التنازل عن الحكم لولي عهده البالغ من العمر 33 عاما. وأعلن امس عطلة رسمية في قطر التي تحكمها أسرة الأمير منذ أكثر من 130 عاما. ودعا الديوان الأميري مواطني قطر لمبايعة الأمير الجديد الشيخ تميم على مدار الثلاثاء واليوم. ويعيش في دولة قطر الصغيرة الغنية مليونا نسمة وهي أكبر دولة مصدرة للغاز المسال في العالم ولها استثمارات كبيرة في أنحاء العالم وداعم مالي لانتفاضات الربيع العربي. وفي طهران قال متحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية «بالتأكيد سنراقب هذه التطورات وننتظر المزيد من التفاصيل...الهدوء والاستقرار في تلك الدولة والمنطقة بأسرها مهم جدا للجمهورية الاسلامية الايرانية.» وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في بيان انه يتطلع لعلاقات أقوى مع قطر. وحرص أمير قطر على رفع المكانة الدولية لبلاده من خلال اطلاق وتطوير قناة الجزيرة التلفزيونية بالاضافة الى نجاحه في استضافة نهائيات بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2022 . وذكرت وسائل الاعلام القطرية ان الشيخ حمد أخطر رسميا أفراد عائلته وكبار المسؤولين في الدولة بقرار تسليم السلطة للشيخ تميم خلال اجتماع عقد في الدوحة الاثنين. وقال المحلل السياسي القطري محمد المسفر انه لا يتوقع تغييرات كبيرة في السياسة الخارجية او الخطط الداخلية لقطر بعد نقل السلطة وأضاف قوله ان الشيخ تميم يشارك بالفعل في إدارة البلاد بتوجيهات من والده. وقال كرستيان اولريتشسن خبير الشؤون القطرية في معهد بيكر للسياسات العامة «لان تسلم تميم جاء نتاج عملية طويلة لا نتيجة مفروضة لاضطراب مفاجىء فالحساسية ستكون أقل فيما يتعلق بتغيير الزعامة مقارنة بما كان يمكن ان يحدث في حالة أخرى. وتلقى القطريون نبأ انتقال السلطة ببساطة. وقال طالب قطري يدعى خالد محمد (21 عاما) «لم نفاجأ. الأمير كان يهييء ابنه منذ وقت طويل. نأمل ان تكون خطوة جيدة.» وأضاف «سيسير على خطى والده. فلقد اعطانا (الأمير) الكثير..منحنا الثروة.» ولعبت قطر دورا بارزا في تشجيع احتجاجات الربيع العربي وقدمت دعما كبيرا للمعارضين الذين اطاحوا بالزعيم الليبي معمر القذافي وقتله عام 2011 وللانتفاضة المستمرة ضد الرئيس السوري بشار الأسد. وأقامت قطر علاقات قوية مع اسلاميين معتدلين خاصة الاخوان المسلمين في مصر. وعرض التلفزيون القطري لقطة للداعية السني البارز يوسف القرضاوي - وهو مصري يعيش في قطر - وهو يحيي الشيخ حمد والشيخ تميم. واستضافت قطر ايضا وفدا من حركة طالبان الافغانية الذي افتتح مكتبا في العاصمة الدوحة الاسبوع الماضي تمهيدا لمحادثات متوقعة مع الولاياتالمتحدة لانهاء الصراع المستمر منذ 12 عاما في افغانستان. وتعاملت قطر ايضا مع الازمات السياسية والحروب في كل من اليمن والصومال ولبنان واقليم دارفور والمناطق الفلسطينية وكثيرا ما ترتب محادثات سلام على اراضيها في محاولة لاثبات انه يمكنها معالجة أمور تبين مدى ثقلها في الدبلوماسية الدولية.