تقاعدت ثمانينية عن العمل مؤخراً بعد أن أمضت فيه أربعة عقود من الزمن، وكانت مثالاً يحتذي به في الانضباط والالتزام. ذلك أنه لا هدير المطر ولا هجير الحر ولا زمهرير البرد ولا حتى هجمات مروجي المخدرات أو التعرض لعضتي كلبين خطيرين لم تثنها من عزيمة ساعية البريد.. إيرين ماسي البالغة من العمر 83 عاماً أو يفت من عضدها فيدفعها للتخلف عن عملها في خدمات البريد الأمريكية الذي ظلت فيه منذ أربعين عاماً. وقد وصفها زميلها في العمل جيف مارتين بقوله: «إنها أنموذج حري بالاحترام ويوعز بالاستلهام. لا استطيع أن أتصور العمل في خدمات البريد، أو في أي موقع آخر، حتى سن الثالثة والثمانين. لدينا أناس في نصف عمرها ويبدو أنهم يتسببون في مشاكل أكثر مما تتسبب فيه». وكانت ماسي قبل تقاعدها تعمل في واحدة من أكثر المناطق قسوة ووعورة وخطورة بالقرب من كونكورد بولاية كاليفورنيا. وقد كتبت لها النجاة من هجوم وقد تعهد المارة بحمايتها والثأر من كل من يجرؤ على الاقتراب منها كائناً من كان. وقد درجت ماسي على إقامة علاقات الصداقة مع الأطفال المحليين، كما دأبت على تدريس اللغة الانجليزية للناطقين بغيرها على تعليمهم كيفية تعبئة النماذج الهامة. وكانت أيضاً تقوم بتوصيل إمرأة طاعنة في السن إلى مراكز التسوق لإحضار أغراضها. ووصفها زميلها مارتن بقوله: «إنها من النوع الذي يقيم علاقات صداقة مع الأسر وهي علاقات تمتد حتى الجيل الثالث، والجميع يدعوها بعبارة: «أمي». وكانت ماسي قد التحقت بخدمات البريد إثر معاناة زوجها من نوبة قلبية في عام 1965م وقد مات قبل 28 عاماً وترك وراءه ابناً وثلاث بنات تكفلت هي بتنشئتهم. وقد أصبحت اثنتان من بناتها مديرات مكاتب بريد في التجمعات الصغيرة بولاية كاليفورنيا. وكان سكان منطقة فور كورنرز قد أصيبوا بالصدمة عندما تقاعدت عن العمل. وقد وصفتها تيري دو فريز بقولها: «إنها أعظم امرأة وليس هنالك إمرأة أخرى اتخذت مسارها مثل ماسي. لقد كانت أكثر من ساعية بريد كانت صديقة». أما دينيس دورامو، فقد أعلنت قائلة: «إنه من المستحيل. إنها أصبحت جزء من عالمنا». وأما بونغ تونغول، فقد قطعت على نفسها عهداً بقولها: «أخبرتها بأنني إذا فزت في اليانصيب سوف أقيم لها تمثالاً من البرونز أمام مكتب بريد كونكورد».