أكد معالي مستشار خادم الحرمين الشريفين، الأمين العام لمركز الملك عبدالله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات الأستاذ فيصل بن عبد الرحمن بن معمر أن الاختلاف بين الدول والشعوب وتمايزها في المعتقد والثقافة يقتضي التعارف والتعايش والتعاون على كل ما يحقق مصالحها ويسهم في حل مشكلاتها في ضوء القيم المشتركة وفضائل الأخلاق. المبادرة تسعى لإرساء قيم العدل والمساواة والتعاون.. وتنتصر للعقل على إثارة الحروب وعبر معالي الأستاذ ابن معمر عن شكره لقيادات الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة والجامعة الإسلامية العالمية في أندونيسيا على إقامة الندوة تعريفاً بمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز التاريخية للحوار بين أتباع الأديان والثقافات والتي تشكل منطلقاً لترسيخ دعوة التعايش بين كافة الدول والشعوب وتعزيز المشترك بين مختلف أتباع الأديان السماوية والفلسفات الوضعية من منظور الأخوة الإنسانية والاحترام المتبادل. واستعرض معالي الأستاذ بن معمر دور المملكة العربية السعودية مهد الإسلام وقبلة أكثر من مليار وستمائة مليون مسلم والتي يقصدها سنوياً أكثر من 13 مليونا من الحجاج والمعتمرين والزوار لتكون أكبر تجمع للسلام والمحبة في العالم وجهود المملكة العربية السعودية في مد جسور التعاون لتحقيق السلام العالمي والتي توجت بمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز للحوار بين أتباع الأديان والثقافات والتي حظيت بتأييد دولي كبير كان له أطيب الأثر في مأسسة هذه المبادرة التاريخية عبر تدشين مركز الملك عبدالله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في فيينا كأول مؤسسة عالمية مستقلة تعنى بمد جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات سعياً لإرساء قيم العدل والإسلام والتعاون بين الزعامات والقيادات الدينية فيما ينفع الإنسانية. وقال معالي الأستاذ ابن معمر أن الحوار كمبدأ إنساني من شأنه تحقيق الأهداف المنشودة في التعايش والتفاهم والاحترام، ومن منطلق الإيمان بالتشريع الإلهي الذي يجمع ولا يفرق- عبر خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله - وما يزال في كل مناسبة عن إيمانه العميق بأهمية أن يسود السلام كل مناطق النزاع وأن يتم معالجة كافة المشكلات بالحوار الذي يرسخ المبادئ المشتركة بين الأمم والحضارات المختلفة ويسعى إلى تعزيز التعايش والتفاهم وإشاعة القيم الإنسانية كمدخل لإحلال الوئام محل الصدام ونزع فتيل النزاعات والمساهمة في تحقيق الأمن والسلام العالميين - جاءت دعوة خادم الحرمين الشريفين - الملك عبد الله بن عبد العزيز لعقد المؤتمر العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات والذي كان الانطلاقة الأولى للمبادرة، ثم في أسبانيا والتي عاشت تجربة التعايش بين المسلمين وغيرهم في حضارة وتراث ظل على مدى أكثر من 7 قرون. وقال معالي الأستاذ ابن معمر إن المبادرة جاءت في وقتها المناسب كرد حضاري وإنساني على دعاوى الصراع والصدام والحملات العدائية الضارية على الإسلام والمسلمين واتهامهم بالإرهاب والتطرف وفي الجانب الآخر تطاول على الأنبياء والرسل والمقدسات، واتساع خطر الدعوات الى الكراهية والاقصاء، مؤكداً أن المبادرة تجمع مراحل خطوة تاريخية لقيادة حركة التعايش وترسيخ الاعتدال بين اتباع الاديان والثقافات المختلفة. واستطرد معالي الأستاذ ابن معمر أن المناداة بجعل الحوار طريقاً لعلاقات إنسانية بين كل دول العالم لا تؤكد عليه فقط السياسات والمصالح وإنما الأديان والأعراف الأخلاقية، وأن ما طرحه خادم الحرمين الشريفين في مبادرته للحوار بين أتباع الأديان والثقافات ينتصر للعقل على إثارة الحروب والتي لم تستطع أبداً أن تكون بديلاً موضوعياً في حلقات الصراع التاريخية، مشيراً إلى أن المبادرة بهذا المفهوم الإنساني - توجه سعودي مميز نحو الحوار مع الذات والآخر المسلم وغير المسلم عالمياً، تأكيداً على أن التعايش إنما يعتمد على المشتركات الإنسانية - خاصة الإيمان بالله والقيم الإنسانية والمبادئ الاخلاقية التي تمثل جوهر الدين تحقيقاً للعدل والأمن والاحترام وعدم التمييز واحتراماً لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية وصيانة للأسرة ومكافحة للتطرف والكراهية. وأشار معالي الأستاذ ابن معمر أن تأسيس مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في فيينا كمؤسسة دولية مشتركة بين المملكة العربية السعودية والنمسا وأسبانيا وبمشاركة الفاتيكان يمثل ترجمة لهذه المبادرة العالمية للحوار. وعرض معالي الأستاذ ابن معمر لمسيرة المبادرة منذ انطلاقها في القمة الإسلامية الاستثنائية في مكةالمكرمة في ديسمبر عام 2005 م وجهود خادم الحرمين الشريفين في تفعيلها وتحقيق أهدافها ومنها زيارته حفظه الله للفاتيكان عام 2007م وعقد مؤتمر الحوار بين علماء الإسلام على اختلاف مذاهبهم في مكةالمكرمة عام 2008م بحضور أكثر من 500 عالم وبإشراف رابطة العالم الإسلامي ورعايته الكريمة لأعمال المؤتمر العالمي للحوار والذي عقد بالعاصمة مدريد في عام 2008م بمشاركة قيادات من مختلف أتباع الأديان والثقافات بحضور أكثر من 300 شخصية عالمية وتوجت هذه الجهود بدعوته - يحفظه الله - لقادة العالم في الاجتماع العالمي للسلام بالجمعية العامة للأمم المتحدة والذي عقد في نيويورك في ديسمبر من عام 2008م تمهيداً لتأسيس الحوار العالمي بين أتباع الأديان والثقافات. واستعرض معالي الأستاذ ابن معمر الخطوات العملية لتأسيس مركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات والتي بدأت بتوقيع اتفاقية بين المملكة العربية السعودية والنمسا وأسبانيا على تأسيس المركز،بحضور وزراء خارجية الدول الثلاثة ورئيس المجلس البابوي للحوار بين أتباع الأديان في الفاتيكان وممثلي الجماعات الدينية في أوروبا. وقدم معالي الأستاذ ابن معمر نبذة عن أهداف المركز في تعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات والتصدي لسوء استخدام الدين لتسويغ الاضطهاد والعنف والصراع والسعي لتفاهم مشترك أفضل حيال المحافظة على قدسية المواقع الدينية بما في ذلك الرموز الدينية، ومعالجة التحديات المعاصرة التي تواجه المجتمع وخاصة المتعلق بالكرامة الإنسانية والبيئة والتربية الدينية والأخلاقية والحد من الفقر. وأوضح معالي الأستاذ ابن معمر أن المركز بدأ فور تدشينه في احتفال عالمي أقيم في نوفمبر عام 2012م بمقره في فيينا بمشاركة الدول المؤسسة المملكة وأسبانيا والنمسا بمشاركة الفاتيكان كعضو مراقب وبحضور أكثر من 850 من الشخصيات العالمية في تنفيذ عدد من المبادرات لدعم ثقافة التواصل والتعاون والتعايش وتصحيح الأفكار والصور الذهنية المغلوطة والتي سادت بين أتباع الأديان الأخرى منها مبادرة تحالف القيادات الدينية لحماية الأسرة والأطفال ومبادرة الزمالة والتي تهدف إلى إنشاء جيل من القادة الدينين الشباب المؤمنين بالحوار، ومبادرة صورة الآخر لاستبدال المفاهيم الخاطئة واللاموضوعية وممارسات التنميط المنتشرة بين أتباع الأديان والثقافات بنظرة أكثر موضوعية ومصداقية وفق إستراتيجية مستقبلية تستند إلى ثلاثة محاور هي احترام الاختلاف من خلال الحوار وتأسيس قواسم مشتركة بين مختلف الجماعات وتحقيق المشاركة الدينية والحضارية والمدنية بين القيادات الدينية والسياسية. واختتم معاليه بالاشارة الى ان المبادرة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين للحوار بين اتباع الاديان والثقافات انتقلت لتكون مشروعا عالميا للحوار يتضمن برامج عملية ترعاها مؤسسات محلية وعالمية، وان المبادرة تجاوزت مراحلها وخطواتها من النظرية الى التطبيق وتجاوزت المحلية الى العالمية واصبح مشروع خادم الحرمين الشريفين للحوار مشروع حياة يضع بصمته في التاريخ البشري القادم.