(1) ] هل يتخيل المرء نفسه أن يصبح يوماً ما ورقة خريف صفراء.. باهتة.. تدوسها الأقدام.. تذروها الريح.. تقذفها هناك حيث اللاوجود.. هل خُيِّل لنا يوماً ما أننا بهذه الصورة مشتتون.. كل جزء منا يخاصم الأخير ليهرب الكل ونبقى بأجساد وأرواح خواء نبحث عن الأمل في عمق الألم.. نبحث عن السعادة في بحر التعاسة.. نبحث عن الحب بين طيَّات الكره.. نبحث عن الشمس في الكسوف.. وعن القمر في الخسوف.. وعن الأفراح بين الأتراح.. نظلُّ نفتش عن حلم جميل بين تناقضات شتى.. لنحصل في نهاية الأمر على لاشيء!!! (2) مشردون.. تائهون.. هائمون على وجوهنا.. كتبنا الحزن بلا قلم.. ورسمنا الألم بلا لوحة.. كل شيء تبرأ منا.. معلقون في الهواء.. حتى الجاذبية باتت تمقتنا نزعت جذورنا وانتماء للأرض.. صرنا بلا زهور.. وبلا ثمار.. نتنفس هواءً ملوثاً.. نبحث عن غيمة حبلى بالمطر فلا نجد سوى المخاض.. (3) ترى هل سنواصل صراعنا مع الأيام ونقاوم تيارها الجارف أم يوماً ما سنهزم ونستسلم ونذعن لها تحركنا كيفما شاءت وتقذفنا أينما أرادت.. ظلم لا منتهي.. امتصاص لكل الطاقات يعقبه جحود ونكران للجميل.. عطاء بلا مقابل.. نقف مشدوهين أمام منظر مألوف اعتدنا عليه.. نحملق فيه بصمت وقلوبنا باكية يائسة.. نحاول أن نبني حصناً منيعاً ضد كل ألم.. ونفاجأ أننا فقط ننسج من خيوط العنكبوت بيتاً واهياً يتمزق فور الانتهاء.. من نسجه.. لنكتشف في النهاية أننا مجرد كبش فداء.. (4) أحياناً نتمنى لو أننا هجرنا العالم وعشنا بعيداً عن اغتصابه لحقوقنا الإنسانية وطاقاتنا الداخلية.. بعيداً عن مقته لنا ومصادرته لحرياتنا.. ولكن لا مفر.. نظل نتشبث بالأوهام فلا نملك أن نغيره ولا نملك كذلك أن نهجره.. لا نملك سوى أن نرضخ ونذعن للأمر الواقع..