جاء في لسان العرب لابن منظور (يتجاوز معنى الكتاب الحجم المادّي أو المضمون إلى كلِّ ما هو مكتوب مهما اختلف حجمه وتنوّع مضمونه شريطة أن يكون ذا فائدة لقارئه معرفيّة أو لغويّة). قال تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ. الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) سورة العلق 1-5 . فظاهرة الإهانة وتمزيق الكتب الدراسية إهدار للمال العام، فمن المسئول عن إهمال الطلاب والطالبات لكتب المناهج الدراسية. فما نشاهده اليوم يندى له الجبين من تصرف للكثير من طلابنا وطالباتنا قبل دخولهم لصالات الامتحان يرمون بالكتب في الممرات والساحات وأمام بوابات المدارس دون مراعاة لحرمة هذه الكتب وقيمتها العلمية والمالية فقد تداس بالأرجل مما يؤدي إلى تمزيقها دون مبالاة. فلماذا هذا العمل المشين الذي يتنافى مع خلق طالب العلم. لذا نرجو ونأمل من جميع المسؤولين في الجامعات والكليات ووزارة التربية والتعليم النظر بعمق في هذا الموضوع بكل جدية وإيجاد حلول مناسبة لذلك ومن الحلول المقترحة: 1- على جميع إدارات وأعضاء هيئة التدريس في كل مؤسسة تربوية عدم إعطاء أي طالب الشهادة أو إشعاراً بالنجاح حتى يسلّم كل طالب كتبه الدراسية سليمة، فهذه الكتب يُستفاد منها للمرحلة التي تليها. 2- ان على كل مدرس مادة أولاً أن يتابع كتاب مادته أثناء الفصل الدراسي من حيث المحافظة عليه ونظافته وعدم وضع الرسومات والعبارات غير اللائقة، كما يجب على مدير المدرسة والمشرف التربوي والمشرف الطلابي متابعة ذلك في جميع مراحل التعليم....... 3- أما الكتب التي لا يُستفاد منها للمراحل الدراسية فمن الممكن إعادة تدويرها والاستفادة منها في طباعة الكتب الجديدة أو توزيعها على مدارس الجاليات الخيرية لتستفيد منها، أو إرسالها إلى من يريدها من الدول الإسلامية التي هي في أمس الحاجة إليها.... علماً بأن هذه الكتب قد كلّفت الدولة (أيّدها الله) ملايين الريالات فكيف تُهان وتُهدر بهذا الشكل دون مبالاة؟! الكتاب ثقافة وتوجيه، معرفة وتعليم، والمجتمع مسؤول عن تدريب الأبناء على صحبة الكتاب والمحافظة عليه، لأنه نور للعقل وغذاء للفكر، وتجهيز مكتبة زاخرة بالكتب المفيدة في كل منزل هي النواة الحقيقية لخلق جيل قارئ يحب الاستزادة من الكتب حين نضعها بين يدية، لتكون له مرجعاً للبحث والدراسة والتحصيل، نعودهم منذ نعومة أظفارهم المحافظة على الكتاب، وإعادته لمكانه المخصص، لأنه المرشد الحاذق الذي يعينهم على حرية التفكير، فيترجم أهداف طريق حياتهم بالبحث العلمي، والاستكشاف الذاتي، بحقائق ملموسة مجسدة فالثقافة تكون من الكتاب وحده.. وأزمة الفكر لا تكون إلا في غيبة الكتاب، الكتاب هو الذي يمنح الثقافة ويؤثر في العقل التأثير المنشود وعلى الآباء والأمهات استغلال رغبة الأبناء في القراءة، وبما أن الطفولة صانعة المستقبل، فإن الكتاب هو أيضاً صانع الطفولة. بالمكتبة في المنزل تجعل الأبناء يقبلون على القراءة اذا توفرت لهم الكتب في أماكنها المخصصة، فهي تقوم أساساً على مدى اهتمام وتشجيع الأبناء على اقتناء الكتب المفيدة والمحافظة عليها. فالقراءة تفتح العقل، وتنمي التفكير فيشعر القارئ أنه إنسان له شخصيته، وحقوقه في الاختيار والتذوق.. وهذا الشعور يكون له دافعاً وحافزاً لطلب المزيد من القراءة المستفيضة.. والأفضل للأبوين أن يسألا الأبناء عن محتوى الكتاب، وموضوعه وأخذ رأيهم فيما قرأوه.. فالأبناء بحاجة إلى وقت كاف للاستماع إلى آرائهم ومناقشاتهم.. فتبادل الآراء يجعل الابن إنساناً ناجحاً في حياته، منظماً، مفكراً.. ومفيداً لوطنه.. وليس الهدف الأساسي من القراءة هو زيادة المعلومات والحقائق فحسب، بل العمل على تنمية القوى العقلية والفكرية فتساعدهم على التركيز والانتباه، وتفتح ذهنهم وعواطفهم لأمور الحياة، وتشبع خيالهم، وتغرس في نفوسهم القيم والأخلاق، وتعمل على تثقيف ضميرهم، وتنمية ذوقهم وإحساسهم بالجمال.. جمال التعبير.. وخلق الرغبة للاطلاع على كل ما هو جديد في مجتمع يواجه التحديات في عصر يشهد نهضة علمية وتكنولوجية واسعة النطاق كما يتعيَّن على جميع الأسر توصية وتوعية أبنائهم وبناتهم بالعناية بالكتاب والحرص عليه فهو أغلى من ثمنه. اجعل الكتب بين عينيك ليكون العالم بين يديك. سائلين الله التوفيق والهداية.