«أهلاً جول.. إنه مارتي كوبر.. أنا أتحدث من هاتف نقال» ثم عم الصمت على الجانب الآخر. إنه مارتن كوبر مخترع الهاتف النقال، عندما قام بأول اتصال خلوي عام 1937م. يقول كوبر «إن القضية الأساسية هي أن الناس بطبيعتهم متنقلين، إذاً فكرة استخدام الأسلاك للتواصل عن بعد ليست فعالة». ومن هنا جاءت فكرة الهاتف الخلوي. عندما أراد الجنود التواصل مع بعضهم جاء الإنترنت، وعندما أرادت الشركات تحسين طرق الدفع ظهرت البطاقات الائتمانية، وعندما احتاجت القوات الجوية الأمريكية طريقة لتحديد الطائرات في الجو والجزر في البحر ظهرت أنظمة الملاحة وتحديد المواقع. لقد سخر الإنسان التقنية (في البداية) وأرغمها على فعل ما يريد حتى جعلها أكثر قرباً للخصائص البشرية. لقد جعل الإنسان التقنية لتجعل حياته أسهل. اليوم، هزات الهاتف المحمول تدغدغ جسدك تجبرك على التقاط الهاتف المحمول لتجيب المتصل أو لتفحص الرسائل، وكلما زاد اقتناؤك للأجهزة التقنية كلما زاد ارتباطك بها وزادت سيطرتها عليك. لقد تطورت التقنية بمختلف أنواعها تطوراً هائلاً، لقد أصبح الوضع مختلفاً تماماً، أصبح الغالبية يطور نفسه للحاق بالتقنية، بل تطور الأمر إلى أن أصبحت التقنية هي الهدف وليست أداة تسهم في زيادة الإنتاجية. لقد غلغلت التقنية جذورها في المجتمع وأثرت على الثقافة والتواصل الحقيقي، حتى أُرغمنا على فعل ما تريده منا فلا يمكنك المقاطعة لأنك ببساطة لا يمكنك العيش بدونها. لقد ازداد اعتمادنا على الكمبيوتر بشكل كبير، ولا أستبعد أن يأتي اليوم الذي نخطط لحياتنا وفقاً لما يريده الكمبيوتر. ليست المشكلة في التقنية في حد ذاتها (ولست أتكلم عن الإيجابيات والسلبيات)، إنما تأتي بالتأكيد من طريقة استخدامنا لها واستجابتنا لندائها ومدى سيطرتنا على أنفسنا تجاهها. إننا بحاجة لتذكير أنفسنا ان الهدف من التقنية هو ان تجعل حياتنا أسهل، وان نجعل التقنية تتأقلم معنا وليس العكس.