تجيء بعض المحاضرات والأمسيات الثقافية إبداعا يحملها على كاهل الإبداع إبداعات أخرى عندما يكون المداخلون الدكتور معجب الزهراني والدكتور عالي القرشي والأستاذ على جمعان الشدوي وآخرون وهذا ما حدث في أمسية النادي الأدبي بالباحة ليلة الثلاثاء 13/6 والتي كان محاضرها هو الدكتور محمد سعيد ربيع أستاذ العلوم اللغوية بقسم اللغة العربية بجامعة الملك عبد العزيز بجدة وكانت بعنوان (خطاب القبيلة تأملات في (الخطابات المضمرة) وقد انطلق المحاضر من مفهومي (الأنا والآخر )من خلال علاقة الذات بالآخرين داخل الخطاب معرجا على بيئة نشوء الأنا التي تعتبر المحيط بها مركز الكون والآخر غريب من خلال تعايش مكرس بالأنا ولو لم يكن موجودا لصنعناه ثم تلا ذلك كمقدمة للشروع في مرحلة أخرى من الأمسية العديد من الأسئلة الإنكارية والأخرى التقريرية لوقفات كثيرة من الحياة حول مفهوم (الأنا) مستعرضا العديد من مواقف المثقفين حول هذا الجانب كما أسمى هذه الحالة علي الدميني بمفهوم (الجد الأسطوري) حيث تناول ربيع العديد من نواتج (الأنا) للتعرف على مساحتها في أعماقنا الفكرية مستشهدا بالعديد من منتديات الإنترنيت وما تعج به مما يرسخ هذا الجانب ويدلل على المساحات الشاسعة في نفوس كتاب تلك المنتديات ثم انتقل إلى القرآن الكريم والسنة النبوية وما حفلت به من نصوص في هذا الجانب حيث عرض للخطاب من جوانب الفرد ثم الجماعة مركزا على الخطاب الجمعي الذي هو السائد كخطاب صلب قادر على إنتاج الردود والتي لا يمكن أن تكون في مجملها مفردة ولا هشة حيث ينتج الخطاب نصا والنص ذو مفهوم وذو دلالات ومن ثم الدلالة المضمرة والدلالة المؤجلة مستعرضا بعد ذلك الخطابات من حيث التجاور ومن حيث التزاحف حسب مفهوم كل خطاب منها ومدى تأثيرها في بعضها البعض متناولا العديد من أنواع الخطابات بالعديد من المواقف في حياتنا اليومية فعادة ما ينطلق الخطاب من نظام الخطاب نفسه إلى نمط الخطاب حيث يأخذ بعد ذلك شكل الممارسات الخطابية. الدكتور معجب الزهراني أكد ل(ثقافة اليوم) أن هناك أطروحات تأخرت كثيرا خاصة ما يحمل الأفكار الصلبة فالمحاضر كان صاحب جرأة ثقافية لأن ما طرحه في محاضرته عامة وخاصة كان من الأفكار الصلبة فإما أن تكسر الرؤوس وإما أن تتكسر فالمحاضر الذي ركز محاضرته على خطاب القبيلة وهو ابنها إلا إنه وإن كان بمحاضرته يعد في دوامة الأنثروبيولوجيا إلا أنه استطاع الخروج من تلك الدوامة فكان طبيبا لنفسه كما أنني أسأل هناك مجتمعات قبلية في الخليج مثلا استطاعت أن تصنع بأنفسها مرونة كبيرة في هذا الجانب أما نحن فلست أدري هل لدينا أفكار لا تزال صلبة أم أنها تزداد تصلبا يوما بعد آخر. علي جمعان الشدوي يقول: هل ساهم التعليم بمختلف مراحله في تفتيت هذا الخطاب القبلي أنا في اعتقادي لم يساهم بدليل التصعيد في كثير من المواقف التي يكون التعليم محورها أو جزءا منها فلا يزال هناك شريحة تشبه تلك الأفيال التي ربطت بعد الحبال الحقيقة بحبال الوهم في إطار خفي لا يمكن بعد ذلك أن تحيد عنه كما أننا لا نفرق في قيمنا بين قيم الوسائل وقيم الغايات. غرم الله الصقاعي يقول أريد أن آتي على جانب آخر وهو إلى متى يصنع خطابانا القبلي خطاب الأسطورة تارة وخطاب الرموز تارة أخرى على الرغم من عدم وجودها أساسا في مساحة واقعنا وإلى متى يستمر خطاب الوصاية ووصاية المنابر ؟! كما التقت (ثقافة اليوم) بالأستاذ القاص أحمد الدويحي الذي يقول: أولا أريد أن أشكر الإخوان المصريين في النادي فهم الذين يوجهون الدعوات وينسقون مع المثقفين ويشعرونه بما يدور عن أمسيات النادي ومع هذا فهناك تراكم من الأخطاء الإدارية في أغلب مؤسساتنا الثقافية التي أناشد معالي وزير الثقافة والإعلام والذي هو من أبناء الوسط الثقافي ولديه اطلاع من خلال هذا الوضع من خلال المثقفين الذين طالما التقى معهم في عدد من المؤسسات الثقافية أو خارجها فالمؤسسات الثقافية يجب أن ترقى فعلا إلى المستوى الفكري والثقافي الذي أصبحنا نعيشه وإلا ماذا سيكون دورها ؟ وأي نشاط ستقدمه في هذه الحالة ؟! بكل أسف أن بعض الأندية الأدبية ومنها نادي الباحة به أناس ليس لهم علاقة بالثقافة وبالتالي ما يتبنونه من نشاط في هذه المؤسسة الثقافية ليس له صلة بالحركة الثقافية التي أصبحنا نعيشها وبهذا فقد عفا عليهم الزمن.