كنتُ قد طلبت منكم في آخر المقال السابق أن تحاولوا تذكر الأرقام التي كتبتها في اول المقال، معظمنا لن يتذكر هذه الأرقام بتسلسلها كاملة لكننا قد نتذكر بعضها، والسبب اننا مررنا بها دون ان نعطي إشارة لعقلنا كي يخزنها كمعلومة. نتهم ذاكرتنا بالخيانة احيانا حين ترفض ان تسترجع معلومة او اسما او تفاصيل حادثة، ونتهمها بأنها تعمل ضدنا حين نحاول ان ننسى إساءة او كلمة مزعجة او تاريخ يوم يرتبط بذكرى مؤلمة، او رائحة عطر او نغمة موسيقية تذكرنا بشيء نريد ان ننساه، بينما في الحقيقة ذاكرتنا تعمل حسب ميكانيكية معينة تمارسها خلاياها العصبية والتي تعتمد في تعاملها مع المعلومة على معطيات معينة. هل يمكنك تدريب عقلك كما تدرب جسدك؟ هل يحتاج عقلك لتمارين معينة كما يحتاج جسدك ليحافظ على لياقته؟ ربما تكون الاجابة للوهلة الاولى هي بالنفي فعقولنا تعمل بشكل دائم فهي تفكر وتحلل وتسجل المعلومة وتسترجعها. لكن هل هذا يكفي؟. إذا اتفقنا بأن غذاء العقل هو المعرفة (اي المعلومة) بغض النظر عن مصدرها أكان كتاباً أم موقعاً إلكترونياً ام عبارة في جريدة او جملة تصدر من شفتي انسان، فما الذي يحافظ على لياقته؟ أهو تكرار المعلومات ام التواصل الفكري والبشري الدائم أم ماذا؟ كيف ندرب عقولنا؟ هل تذكرون لعبة "الأخطاء التسعة" والتي نقارن فيها بين صورتين لاكتشاف الفروقات بينهما؟ يمكننا ان نعتبر هذه تمرينا عقليا بسيطا. ألعاب الاطفال التركيبية والتي يتعلم من خلالها الطفل الأشكال والألوان المختلفة هي تمرين عقلي يسجل في ذاكرة الطفل اول معلومة عن الأشكال والألوان ليتعرف عليها لاحقا. انشغالك بألعاب الذاكرة هي تمرين عقلي مهم خاصة في زمن الاعتمادية على الذاكرة الإلكترونية من هواتف ذكية وأجهزة ذكية والتي تحفز عقولنا بطريقة ما لكنها قد - ضع كلمة تحت قد - تنسينا مهارات أساسية معينة. كلنا هذا الطفل الذي يتعلم من خلال لعبة بسيطة، لذلك لا تتكاسل خذ عقلك للنادي ودعه يتدرب..