يشهد عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - نقلة مرحلية نوعية في مختلف المجالات التنموية المختلفة خلال الثماني السنوات الماضية، التي تعادل عقودا تنموية في مسيرة دول أخرى، إذ تميزت هذه المرحلة في عهد - أيده الله بنصره وتوفيقه - بإعادة صياغة كثير من البنى التحتية في عدد من المجالات الاقتصادية والأخرى التنموية على عدة مستويات محلية منها ما يتصل بالمؤسسات الحكومية والأخرى الأكاديمية والمدنية، وفق رؤية عصرية آمنت بصناعة التطوير، والانتقال النوعي تنمويا إلى مصاف الدول المتقدمة حضاريا وثقافيا. مواجهة «الانفتاح» الإعلامي باستثمار ثورة الاتصالات.. و«المرأة» أول المساهمين وعبر مسارات التنمية الحضارية والثقافية التي عمتها مسيرة التطوير، وأدوات ووسائل التنمية الثقافية، والاستثمار في المواطن السعودي فكرا وثقافة وإنتاجا ومعرفة على كافة المستويات وفي مختلف المجالات، جاء "سقف الحرية" التي يشهدها هذا العهد التنموي الزاهر، مرحلة جاءت تجسد أوليات ركائز التنمية الحقيقة الشاملة والمستدامة، التي تؤكد أبعاد الاستثمار في المواطنة والمواطن السعودي، بوصفه إنسان التنمية، والمستهدف - أيضا - بشتى مجالاتها التنمية اقتصاديا وثقافيا وفكريا وحضاريا، الأمر الذي جسد فيه حضور المرأة السعودية شريكا رئيسا ومساهما فاعلا في الحضور الثقافي والحضاري لمرحلة تنموية أصبحت معها المرأة السعودية عضوا في مجلس الشورى، لتكون بذلك حاضرة في أحدى أبرز مؤسسات ومجالس صناعة الرأي وتقديم المشورة. وعلى مستوى المؤسسات الحكومية نجد العديد من الموضوعات التي تم طرحها للنقاش والحوار فيها، إذ نجد أن "مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني" الذي قاد في هذا الجانب بعدا حيويا من خلال إقامة العديد من اللقاءات والمؤتمرات التي جاء منها ندوة "الإعلام والحوار الوطني" بهدف التعرف إلى الدور الذي تقوم به مختلف وسائل الإعلام في تكريس قيم الحوار في المجتمع السعودي من جانب، وتوثيق العلاقة بين وسائل الإعلام ومركز الحوار الوطني من جانب آخر، لمناقشة أدوار المركز على المستويات الإعلامية المحلية والدولية، ومناقشة تطوير آليات العلاقة بين المضمون والوسيلة الإعلامية. وعند استعراض محاور هذه الندوة بوصفها مثالا من الأمثلة المؤسسية الرسمية التي تبنتها قيادتنا الراشدة في تنمية تعزيز ديناميكية الرأي العام وجعله مرآة تجسد بدورها مرحلة ارتفاع سقف الحرية أمام نشاط الوسائل الإعلامية خاصة وعبر الحراك الفكري والثقافي والاجتماعي من خلال مؤسسات المجتمع المدني عامة، إذ نجد أن الندوة وضعت العديد من المحاور التي أوجدت مساحة رحبة أمام الرأي العام، ورفعت بدورها سقف الحرية في التعبير عنه وخاصة في الإعلام، لتصبح الموضوعات محل حوار ونقاش وتدارس للوصول بهذا السقف من الحرية إلى أعلى درجاته فيما يحقق المصلحة العامة للوطن ومواطنه حيث تناولت الندوة: الصحافة والحوار الوطني، الإعلام المرئي والمسموع والحوار الوطني، الكتاب والحوار الوطني، الإنترنت والحوار الوطني، الاتصال الشخصي والجمعي والحوار الوطني، الإعلام الدولي والحوار الوطني. لقد جاءت هذه الندوة وغيرها من اللقاءات تترجم توجهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - أيده الله بنصره وتوفيقه - على صناعة مرحلة نوعية وفضاء رحب ل "حرية الرأي" على مختلف المستويات المؤسسية مدنية ورسمية وإعلامية بمختلف قنوات نشرها الفضائية والإلكترونية، لجعل الرأي وحرية التعبير "أس" البناء الثقافي والفكري للتنمية الوطنية المستدامة، التي تضع من مسؤولية الكلمة ومصداقيتها والتثبت من مرجعيتها والتحقق منها منطلقا وفضاء للتعبير بحرية منبعها الصدق، وثقة مردها الحقيقة، ورأي مداده البناء، وتعبير هدفه المحافظة على المقدرات الوطنية، واستشراف نقلاته النوعية في مختلف جوانبه التنموية. كما نجد - أيضا - وفي مثال مؤسسي آخر، صورة مماثلة لما انتهجه البرنامج الثقافي المصاحب للمهرجان الوطني للتراث والثقافة "الجنادرية" الذي أخذ على عاتقه في كل دورة مناقشة العديد من الموضوعات التي لم يسبق مناقشتها على المستوى المؤسسي الرسمي، في إطار الانتقال إلى مرحلة من محاورة الأفكار بما هيأته لها الرؤية الثاقبة الحكيمة والمحنكة لقائد المسيرة، يقينا منه بما تشهده المرحلة الراهنة من المتغيرات العالمية ثقافيا وفكريا واجتماعيا وإعلاميا واتصاليا عبر الشبكات الاجتماعية العالمية المختلفة التي أصبح المجتمع السعودي جزء من مجتمعها الرقمي ومجتمعاتها "الافتراضية" مما انعكس بدوره على مستوى تناول الموضوعات التي تطرقها مؤسسات المجتمع المدني وزاد من ارتفاع سقف الحرية المنضبطة والمسؤولة في تناول كثير من الموضوعات الثقافية والفكرية.