بدأ الانشغال بالهواتف الذكية يأخذ منحى خطيراً في تأثيره على أفراد المجتمع في صور وأشكال مختلفة أذكر بعضها استشهاداً وليس حصراً: في العمل انشغل الموظفون بالهواتف عن تأدية أعمالهم بشكل ملفت للانتباه بين كتابة الرسائل واستعراض المقاطع إلى درجة أن الموظف صار يجاهر بهذا الانشغال أمام المراجعين ويحاول تصريف المراجع بما يخطر على باله من أعذار ليعود بعدها إلى استعراض هاتفه ويبدو أن العدوى انتقلت من المنزل إلى المكتب بل إن جو المكتب أصبح أكثر مناسبة وحرية عنه في المنزل وأعجبت بشركة كبرى أصدر مديرها حظراً على جميع العاملين فيها يقضي بعدم استخدام الهواتف الذكية أثناء العمل ومن يضطر لذلك عليه الذهاب إلى غرفة القهوة لبضع دقائق ثم العودة للمكتب بعد الانتهاء من استعمال الهاتف الذكي تماماً كما يفعل من ابتلي بالتدخين.. وقد كان لهذا الإجراء أطيب الأثر على الأداء كما ذكر لي أحد العاملين في هذه الشركة فهل نطمع بتعميم عالي المستوى يمنع منعاً باتاً الانشغال بالهواتف أثناء العمل لموظفي الدوائر الحكومية ومن يخالف هذا القرار يعرض نفسه للفت النظر ونقص في التقييم الوظيفي. المشهد الثاني هو الانشغال بالهواتف أثناء قيادة السيارة ولو أن هناك إحصائية دقيقة للحوادث الناتجة عن استخدام الجوال أثناء القيادة لوجدنا أنها تشكل نسبة كبيرة وهذا ملاحظ بالنظر فتجد أحدهم يكتب رسالة ويستعرض مقطعاً وهو خلف مقود السيارة وسط الشارع بل إنك تلحظ السيارة تنحرف يميناً وشمالاً وكأنها بلا قائد وتفاجأ بان شاباً منشغلاً بمحادثة مع صديقه.. صحيح أن هناك مخالفة تحرر لمن يستعمل الجوال أثناء القيادة لكن من يحرر المخالفة إذا كنا لا نرى رجال المرور إلا في المناسبات. أخيراً الإفراط في استعمال الهواتف الذكية عند الأطفال تلك ممارسة لها أثر سلبي على صحة الأطفال على المدى البعيد والأمر لا يتطلب تعميماً أو إيجاد مخالفة بقدر ما يتطلب من أولياء الأمور من رجل وامرأة مراقبة الأطفال ومنعهم من الإفراط في الاستخدام بالنصح تارة وبالتهديد تارة أخرى. تلك شواهد لا نستطع أن نقضي على سلبيتها إلا بتضافر الجهود والعمل الجاد من الجميع والله الموفق.