صادف يوم الاثنين الماضي الذكرى السنوية الثامنة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله مقاليد الحكم في المملكة العربية السعودية. وأود أن أغتنم هذه الفرصة لكي أعبر عن أطيب تمنياتي الشخصية وتمنيات الحكومة البريطانية وشعب المملكة المتحدة إلى خادم الحرمين الشريفين وإلى شعب المملكة العربية السعودية بالتقدم والنجاح، مؤكدا على متانة العلاقات التي تربط بين المملكتين والشعبين. لقد أعجبت كثيرا بعبارات الإكبار والتقدير التي صدرت هذا الأسبوع إيذانا بحلول العام التاسع من حكم الملك عبدالله. وقد شهدت بلادي اندفاعا مماثلا من الحماس والفرح في العام الماضي عندما احتفلت الملكة إليزابيث الثانية بمرور 60 عاما على اعتلائها العرش في بريطانيا.. وكان الاحتفال باليوبيل الماسي فرصة طيبة للبريطانيين من اجل التعبير عن الخدمات الجليلة التي قدمتها صاحبة الجلالة إلى شعبها على مدى حقبة طويلة من الزمن كانت خلالها مثالا للكرامة والقيادة الحكيمة. إن الخدمة الطويلة والمتميزة تعتبر بحد ذاتها إنجازا كبيرا للملكة، وقد أقيمت احتفالات بهيجة في جميع أنحاء البلاد بهذه المناسبة حيث أُضيء في لندن ما يزيد على 4200 مشعل وأقيمت مواكب احتفالية ضخمة بالإضافة إلى حفل موسيقي. ويحظى الملك عبدالله بمحبة شعبية واسعة من مواطنيه سواء في الداخل أو في الخارج. ربما لم يحكم الملك عبدالله لمدة طويلة على غرار صاحبة الجلالة الملكة إليزابيث، بيد أن الملك عبدالله كان في صميم عمل الحكومة في المملكة العربية السعودية منذ خمسة عقود، منذ أن تولى قيادة الحرس الوطني في عام 1963 ليصبح فيما بعد ولياً للعهد. وبالرغم من أنه لم يمض على وجودي هنا في المملكة سوى فترة قصيرة، إلا أنني شاهدت بأم عيني ثمار ما تحقق على يد الملك عبدالله لما يتمتع به من حكمة وعزم وتصميم. إن إدارة الإصلاحات التي قام بها الملك عبدالله خلال السنوات الثماني الماضية أمر يحتاج إلى شجاعة كبيرة وقوة في الشخصية. وأنا أعلم بأن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله يحرص أشد الحرص على تحقيق الخير والازدهار لشعب المملكة العربية السعودية. وقد أثبتت المبادرات التي طرحها الملك عبدالله، مثل مركز الحوار الوطني ومركز حوار الأديان التزام الملك عبدالله من اجل بناء توافق في الآراء في جميع أنحاء المملكة، وتعزيز الوحدة والحوار السلمي، تماما كما كان التزامه قويا حين طرح مبادرة السلام العربية أثناء توليه ولاية العهد. وخلال فترة حكمه، أحدث الملك عبدالله عدة تغييرات في البلاد حقق من خلالها معادلة التوازن الصعب بين احترام التقاليد والأعراف وإدارة دفة البلاد نحو التقدم والتغيير. إن تحقيق هذا التوازن ينطوي على بعض الصعوبات ويشكل تحديا مستمرا لنا جميعا ويفرض علينا التكيف والتنافس في عالم تسوده العولمة الحديثة مع الحرص في نفس الوقت على الوفاء لثقافتنا وقيمنا وتاريخنا. يتعين علينا الحفاظ على هذه الخصائص التي من شأنها أن تميز بلداننا عن سواها ونسعى إلى تحسين وإصلاح الشؤون الأخرى التي هي بحاجة للتغيير أو الإصلاح. قد تكون هناك اختلافات في سياساتنا وفي طبيعة بلداننا، لاسيما الطقس، ولكني أعتقد بأن التجارب المشتركة، من ضمن أمور كثيرة مشتركة فيما بيننا، من شأنها أن تجعل التقارب بين مملكتينا قويا، وقد أثبتت الزيارة التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير تشارلز في شهر مارس من هذا العام إلى المملكة بأن الروابط القائمة بين الشعبين والممتدة عبر الأجيال لا تقتصر على الملوك فحسب بل تمتد إلى العائلتين الملكيتين والشعبين والثقافتين في المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة.. * السفير البريطاني في الرياض