قبل عدة سنوات كان كثير من أفراد المجتمع يترددون في الحديث عن الفساد الإداري أو المالي إما لخوف أو جهل بالمصطلح ومعناه رغم أن شريعتنا الاسلامية كانت سباقة في محاربته كما أن المنظم السعودي وضع انظمة لمكافحته ومنذ سنوات طويلة لكن الوضع اليوم تغير كثيرا فأصبح من النادر أن تجد شخصا لا يعرف ما هي الرشوة أو التزوير أو الاختلاس أو استغلال السلطة أو غير ذلك من صور الفساد وكل هذا لم يكن ليتحقق إلا نتيجة إلى التطور الكبير الذي حدث في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على كافة الاصعدة ابتداء من التعليم بشقيه العام والعالي والذي شهد نقلة نوعية غير مسبوقه وانتشار واسع وكبير كما رافقه انعقاد مؤتمرات وندوات تتحدث عن هذه الآفة وأخطارها مروراً بالأعلام الذي اصبح يتحلى بكثير من الجرأة في الحديث عنه ويتعقب كثيراً من قضاياه ليجعلها مادة دسمة لجمهوره ثم الأمر الملكي الكريم رقم (165) وتاريخ 28/5/1432ه القاضي بإنشاء هيئة وطنية تهدف إلى حماية النزاهة وتعزز مبدأ الشفافية وتكافح الفساد الإداري والمالي بشتى صوره ومظاهره وأساليبه وبجانب الجهود التي تقوم بها الجهات ذات الاختصاص فإن توعية المجتمع بماهية الفساد وكيف هي اشكاله وما هي الادلة والأنظمة التي حرمته وحددت عقوباته وكذلك توضيح ما هي مخاطر هذه الآفة كلها عوامل اولية ضرورية نحو الانطلاق لمحاربة الفساد والوقوف في وجهه فانتشار وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة ساهم كثيرا في التوعية لذلك لم يكن مستغربا من أن تركز الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في بداية عملها على الجانب التوعوي للمواطن الذي يعد هو العين الراصدة لكل حدث ومخالفة وإن كانت جهودها بحاجة إلى المزيد في هذا الجانب فهدفها هنا يجب أن يكون خلق قاعدة مجتمعية لا تنبذ الفساد فحسب بل تحاربه وتتصدى له وأن لا تقتصر وسائلها التوعوية على التقليدية منها بل يجب أن تتعداها إلى كل ما يمكنه الاسهام في إيصال هذه الثقافة إلى كافة شرائح المجتمع.