ان من يخشى الله فيما يكتب وعندما يكتب، لا بد ان يكون صادقاً لا يخشى في قول الحق!، ولأن القضية حيوية تمس المسكن او الحلم العظيم كما يسميه الكثير اليوم، فيجب ان نتحدث عن أصل المشكلة وكيف بدأت وتفاقمت على مرأى ومسمع من خبراء الاقتصاد ورجالات البنوك ثم كانت اليوم اكبر مشكلة يعيشها الانسان السعودي. لقد نشأت مشكلة الإسكان في السعودية منذ انهيار سوق الاسهم عام 2006، فخرج الكثير من اموال المستثمرين من سوق الاسهم لتبحث عن مكان يتناسب مع أطماع اصحاب رؤوس الاموال كما يسميه البعض او حقوقهم الشرعية في العمل والاستثمار كأي مجتمع متمدن ومتحضر، ولأننا مجتمع غير صناعي فلم تجد هذه الرؤوس سوى سوق العقار الخالي من اي حماية بروتوكولية او سياسة تحميها من مضاربات الاموال، فبدأت تنتقل هذه الاموال الى شراء الاراضي لغرض بيعها بعد مدة قصيرة، وأصبحت تنتقل من ملكية الى اخرى، واحتشد المضاربون على ابواب كتابات العدل حتى تراهم وكأنهم موظفون يعملون في هذا القطاع. وانا لا اتحدث عن اصحاب رؤوس الاموال الكبيرة فهم ليسوا سبب المشكلة، المشكلة في المضاربين الصغار وأعدادهم مهولة، فكل من كان في حسابه (مليون ريال) اتجه الى المضاربة في شراء الاراضي وبيعها، وليست المشكلة ايضاً لدى المطورين للمساكن، فهم ضحية كالمواطن تماماً، يشترون الاراضي بأسعار مرتفعة ثم يتحملون اعباء البناء ومشاركون في عجلة التنمية ومساهمون في زيادة المعروض واستقرار الاسعار. قد يغضب مني البعض، ولكن المشكلة في أنانية المجتمع التي تتمثل في اهتماماتنا بأنفسنا فقط ! او بيوتنا على اكبر تقدير، وانا شخصياً اعتقد أن كل من ضارب في سوق الاسهم يتحمل جزءاً من المسؤولية في هذه المشكلة. لقد قمت بلا فخر بإدارة بناء مئات الوحدات السكنية وأصبحت تكلفة البناء لا تتجاوز 35 – 40% من قيمة الوحدة السكنية، والمشكلة ليست بالبناء وهذا دليل واضح على ان توفر الاراضي هي المشكلة الرئيسية، ثم يأتي بعد ذلك التنظيمات والخطط التي يجب ان تعد من خلال (امانة مدينة الرياض) و (البلديات الفرعية) لتسريع اجراءات رخص المخططات حتى تتوفر الاراضي بكثرة في السوق ثم تصحح اسعارها! ان ما يقوم به الصندوق العقاري قد يعالج المشكلة جزئياً لا جذرياً، فلو وضعنا بالاعتبار حجم الزيادة السكنية والهجرة الى المدن الرئيسية لعرفنا ان اعداد المواطنين تتضعاف كل بضع عشرة سنة وهذا مؤشر خطير. يجب ان يتم التركيز على دعم الجهات المسؤولة لتوفير الخدمات للمخططات وتطويرها، وضخ اكبر عدد ممكن من الاراضي خلال هذه السنة للحد من المشكلة ومساهمة الصندوق في شراء الاراضي للمواطنين والاستفادة من خبرات شركات التطوير العقاري، ومن ثم دعم سوق العمل بما يحتاجه من قوى عاملة لمصانع الخرسانة والمواد الاساسية ودعم الصناعات الرئيسية لمواد البناء وتسهيل اجراءات استيراد هذه المواد عند الحاجة حتى تعالج المشكلة من جذورها ويهنأ الناس بفرصة العيش في بيوت يمتلكونها بدعم وحماية الجهات الحكومية ذات العلاقة، اما المزيد من الاهمال والاخطاء والعشوائية فلن يكون سوى كابوس نعيشه جميعاً ولا نعلم متى ينتهي! واخيراً، لو توفرت الاراضي فلن يرفض المواطن ان يسكن في بيت من دور واحد يلبي احتياجاته الاساسية ولا يكلف بناؤه سوي القليل من الوقت والمال وقبل ذلك النية الصالحة. * الرئيس التنفيذي لشركة الارين للمشاريع