تحدث عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى عن نظرة الشريعة الإسلامية للأسرة باعتبارها لبنة مهمة في كيان المجتمع والأمة، وقال: إنها تمثل المجتمع الصغير لإمداد المجتمع الكبير في بناء صرحه، مؤكداً أن كيان المجتمع والأمة يتكون من هذه اللبنات التي يجب أن تؤسس بعناية، وأن أي خلل فيها يعيب سلامة البناء ويهدد استقرارنا الأسري والاجتماعي . وذلك عبر برنامج من هدي الشريعة الذي بث على القناة الاولى بعد صلاة الجمعة. وتابع الوزير أن خطورة البناء الأسري يكمن في مخرجه وهم الأولاد الذين يجب أن يتأسسوا في محاضن تربية صالحة وأن ينشؤوا في بيئة أسرية سليمة، وقال الدكتور العيسى إن ما يميز البناء الأسري في مجتمعنا هو الخصوصية الإسلامية التي تجعل من كل عمل صالح احتساباً عند الله تعالى، حيث يتعين على الزوجين أن يتقيا الله في أنفسهما وأولادهما ومجتمعهما ووطنهما وأمتهما، فالعائد السلبي في بناء الأسرة لا يقتصر عليهما بل يمتد إلى غيرهما. وشدد الوزير على حسن اختيار الزوجة مشيراً إلى الحديث الشريف:" تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك "، وبين فضيلته أن الاستعجال في اختيار الزوجة يعرض الحياة الزوجية للمخاطر . وتابع الدكتور محمد العيسى أن العديد من صور المشكلات الأسرية يسيرة وبالإمكان حلها غير أن منها ما يستعصي عن الحل ويصعب استمرار الحياة الزوجية معه وأن الأنسب في مثل هذه الحالة هو الفراق قبل استفحال الأمر والإساءة للمجتمع من خلال مخرج عائلي يكون عالة عليه. وعن وصفة السعادة الزوجية قال د. العيسى إن أولى ما يوصي به في هذا هو تقوى الله تعالى ثم تغليب جانب التفاهم والتصالح والتسامح ونبذ التشاح، وكذلك التخطيط للحياة الزوجية، وأكد الوزير على أهمية استشعار كل من الزوجين المسؤولية تجاه الآخر، وقبل ذلك استشعاره بأن هذه المسؤولية هي واجب شرعي وليس واجباً دنيوياً فحسب، ونبه الوزير على أن من تعدى بظلمه وتسبب في تصدع أو انهيار الحياة الزوجية من أي من الزوجين فإنه مجرب على صاحبه سوء الحال في حياته. وعن أسباب الطلاق قال: إن منه ما يتعلق بجانب عدم التجانس أو السرعة في طلب الألفة الزوجية، وطفو بعض الخلافات اليسيرة وتضخيمها وعدم تجاوزها، وشدد الوزير على أهمية طلب المعونة العائلية عند حصول ما يقتضي التدخل العائلي على ان الغالب الأعم من الخلافات لا تتطلب ذلك وأنها كما وصفها الوزير كالملح في الطعام وأنه لا يوجد بيت زوجية متكامل وأن المشكلة في عدم تصور هذا وعدم القناعة والرضا، كما أشار إلى أن بعض الزوجات تكبد زوجها مادياً ما لا يطيق، مبيناً أن الحياة الزوجية بعد أيامها الأولى يجب أن تكون تحولاً نحو تعميق التفاهم وإدراك حجم مسؤولية كل من الزوجين تجاه نفسه وتجاه الآخر وتجاه المجتمع وتجاه الوطن وتجاه الأمة. وفي الحلقة أشار الوزير إلى تراجع حالات الطلاق بسبب جهود الفعاليات الوطنية الخيرية في تقديم المعونة للأسرة واصفاً إياها بأنها تؤكد جهود جمعيات النفع العام التي تسمى بمؤسسات المجتمع المدني. مشيداً ببعض الجمعيات والهيئات والمراكز الاجتماعية والأسرية الخاصة، وقال إنها رافد مهم من روافد استراتيجية وزارة العدل في مراكز الصلح والتوفيق والتي حدت في بعض المحاكم وليس عمومها من تدفق القضايا الزوجية للقضاء بنسب تجاوزت الخمسين بالمائة. وأكد الوزير على أمله الكبير بعد صدور تنظيم مركز المصالحة في الحصول على المزيد من النجاحات في هذه الاستراتيجية والتي كانت قبل صدور هذا التنظيم تطوعية، مؤملاً كذلك في امتداد نفع هذا المركز في قضايا أخرى وليست في القضايا الزوجية فقط . وشدد الشيخ العيسى على أهمية التخطيط في تسيير بيت الزوجية وحذر من الفوضوية في تدبير شؤون العائلة، ومن التساهل في مخرج هذا البناء الصغير وهو الرافد المهم في البناء الكبير، ونبه على أنه في بعض الحالات يكون تنظيم النسل واجباً لئلا نقدم للمجتمع والوطن والأمة من هو عالة عليها، وإذا كان المولى جل وعلا قال :"وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله " وهو منع يتعلق بأصل البناء الزوجي وهو في العموم من الندب إليه والتأكيد عليه بمكان فكيف بما هو دونه. كما تابع الدكتور العيسى الحديث عن هذا الموضع في محاور أخرى مجيباً عن أسئلة المشاهدين حول القضاء الدستوري والتعامل مع الإعلام الجديد والإجهاض وبعض مسائل اليمين . الجدير بالذكر أن هذا اللقاء تبثه القناة الأولى من خلال برنامج: "من هدي الشريعة " الساعة الواحدة والنصف من ظهر الجمعة ويعاد الثامنة والنصف من مساء اليوم وفجر السبت وهو من تقديم الإعلامي الأستاذ ممدوح الحوشان.