عانق المبتعثون السعوديون في «أمريكا» ناطحات سحاب مدينة «شيكاغو»، التي احتضنت مؤتمر «متجاوز»، في أمسية ودية تقاسم الضيوف والحضور نجوميتها بلا منازع، وحضر المؤتمر أكثر من (1000) مبتعث ومبتعثة، كسروا حواجز المسافات، وجاءوا من جميع ولايات «أمريكا»، وتشاركوا فيها لحظات الحزن، والفرح، والإبداع، وثمرة التجارب، ليكون الإنجاز هدفاً وغاية، تميزوا جميعاً، وتوهجت القاعة إبداعاً بكل من فيها. وأجمع الحضور على أنّ المؤتمر خروج عن إطار التقليدية التي صنعتها الأندية الطلابية، بعد أن لقي هذا الكم من التجاوب من الطلبة في المشاركة والحضور، في بادرة جديدة بصناعة سعودية، باعتباره أول لقاء سعودي-سعودي يجمع المبتعثين؛ لمشاركة التجارب، والقصص المؤثرة، التي كانت وقودهم الحقيقي نحو التقدم والبحث عن التميز، برعاية كريمة من الملحقية الثقافية في «أمريكا» وحضور الملحق الثقافي، ومديرة الشؤون الطبية بالملحقية. ذكريات ومحطات وتحدث «د.محمد بن عبدالله العيسيى» -الملحق الثقافي في أمريكا- عن حياته كسعودي خاض تجربة الابتعاث، مشيراً إلى أنّه تم تعيينه معييداً في جامعة أم القرى، قبل أن ينتقل للعيش في الولاياتالمتحدةالأمريكية مبتعثاً؛ ليحصل على درجة الماجستير والدكتوراه، متطرقاً إلى الذكريات والمحطات التي غيرت حياته، متوقفاً عند تجربته كملحق ثقافي مع زيادة عدد المبتعثين، وتمديد برنامج خادم الحرمين الشريفين للإبتعاث الخارجي، متحدثاً عن العلاقة التي تربطه بالمبتعثين كمسؤول وإنسان في الوقت ذاته. وقال: «من أجمل ما لمسته هو حرص قيادة الوطن على المبتعث، وربما رؤساء الأندية الذين التقوا الملك عبدالله لمسوا بأنفسهم مدى الاهتمام والحرص على المبتعث، كذلك حرص الغالبية العظمى من المبتعثين على الجدّ، والانجاز، والعودة إلى الوطن بالشهادات العليا»، مؤكداً على أنّ ما يلقاه الطالب السعودي لا يمكن أن يقارن بغيره، داعياً الطلبة إلى بذل المزيد من الجهد للعودة إلى الوطن محملين بالفخر، داعياً إلى عدم الانسياق خلف تلك الدعوات المسيئة للمواطن ووطنه، وعدم الانجراف خلف تيارات تحاول جاهدة استغلال الظروف المحيطة في بعض الدول، من أجل التأثير على تفكير الشباب، في الوقت الذي قدم لهم الوطن الكثير، ولا زال المستقبل متاحاً أمام الكثير من المبتعثين ليكونوا هم وزراء وقادة المستقبل، مؤكّداً على أنّ الفرص متاحة لصناعة التجديد، وقيادة دفة التطور مع ما تشهده المملكة من فرص تنموية عملاقة واهتمام شديد بالشباب المؤهل. «ليلة شيكاغو» أشعلت فتيل التحدي وإثبات الذات والرغبة في العودة إلى المملكة مسلحين بالعلم..والتغيير أم المبتعثين واستعرضت «د.سمر السقاف» -مديرة القسم الطبي بالملحقية الثقافية- تجربتها في الدخول إلى عالم التشريح، متحدثةً عما قدمه لها هذا التخصص، مؤكّدة على أنّ حب العمل والتأقلم فيه عامل محفز على بذل مزيد من الإبداع، مضيفةً أنّها سعيدة جداً بكمية المحبة التي تحظى بها من عدد كبير من المبتعثين، حتى وصل الحال ببعض الطلبة إلى زيارتها من ولايات أخرى في منزلها، ومنهم من يأتي ليطلب أطباقاً معينة من الأكل»، مشيرة إلى أنّ ذلك دون شك شيء يسعدها وفي الوقت نفسه يزيل كافة الحواجز بينها وبينهم باعتباري «أما» لكل مبتعث ومبتعثة. تطور وظيفي وقدّم «صالح الثبيتي» -مذيع وكاتب ينهي الفصل الأخير في دراسة الماجستير في الاتصال الاستراتيجي- ما أسماه «فيتامين واو»، متحدثاً عن تجربته في كلية الطب بجامعة الملك عبدالعزيز، وانتقاله لإكمال الدراسة في اختصاص أحياء الحيوان، على الرغم من ولعه بالإعلام الذي كان يدرسه عبر دورات خارج أسوار الجامعة؛ مما جعله يقرر أن يتوجه إلى الإعلام عقب أن يتخرج، مشدداً الواسطة الحقيقية هي السمعة المهنية للصحافي، منوهاً بأنّ التميّز ليس في ايجاد الوظيفة، بل في السعي إلى التفرد والتطور الوظيفي. ضخأفكار وأوضح «حسام الزهراني» -رسام كاركاتير يدرس الماجستير في التصميم الداخلي في أكاديمية الفنون بسان فرانسيسكو- كيف ابتكر مدرسة خاصة أسهمت في وضع بصمة وخط جديد في ال»كاريكتير» في الصحافة السعودية، مؤكّداً على أنّ تجربة الابتعاث أسهمت في ضخ أفكار جديدة في تجربته بشكل عام. فكر وإلهام وشرح «فيصل باشراحيل» -كاتب ومؤلف- وصفة مزجها بين التجربة العربية والأمريكية في التأليف، مفككاً أبرز الخطوات التي يفضل أن يطرقها الكاتب قبل التأليف، ابتداءً بالفكرة، وطريقة العرض، مروراً بالتجربة الشخصية، والإجابة على الأسئلة التي تشغل الناس، مشدداً على أنّ المؤلف يجب أن يكتب للناس، منوهاً بأنّ الفكر والإلهام مرتبطان بالإرادة، التي تقدم منتجاً يحترم الذائقة العامة ويرتقي بها. ترتيب الإبداع وشدد «عبد الله الجمعة» -يدرس درجة الماجستير في القانون بجامعة هارفارد- على أنّ القاعدة تغيّرت؛ لأنّ التخصص الدراسي يجب أن يكون مسايراً لسوق العمل مع الرغبة والميول، لا أن تكون رغبة وميول الطالب دون أن يكون لتخصصه حاجة في سوق العمل، مبيّناً أنّه يفضل أن تكون التجربة الشبابية في التأليف بنثر الإبداع ثم إعادة ترتيبه. سلة البيض وذكر «عبدالعزيز الحمدان» أنّه وصل إلى قناعة بأنّ «أحسن تقويم» الذي ذكره الله -سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم هو أن يعتز الإنسان بالخلق التي وهبها الله له حتى وإن كان معوقاً، مبيّناً أنّ خوف أهله من أن يشتري طبق بيض ويعود به من «البقالة» كان تحدياً كبيراً؛ لأنّ والدته كانت خائفة عليه بأن تصعب عليه العودة، فما كان منه إلاً أن وضع البيض في سلة وعاد به، وتفاجأت أسرته من تصرفه، فكانت نقطة التحول في حياته بأن يكون مختلفاً، مشيراً إلى النجاحات التي حققها، والتي كان من أبرزها وثيقة الحب والولاء للملك عبدالله، ثم برنامجه على اليوتيوب «مختلفيشن»، مؤكّداً على سعيه إلى نقل قوانين التعامل مع المعوقين إلى المملكة عقب تخرجه. صالح الثبيتي متحدثاً لزملائه المبتعثين بكاء صامت وخرج «بندر بن محمد المقري» -رئيس مبادرة «متجاوز» المنظمة للمؤتمر- بالحضور إلى عوالم أخرى؛ عندما تحدث عن تجربة أمه مع وفاة والده وتماسكها، ثم تعبيرها على طريقتها الخاصة في البكاء على والده؛ مما غيّر حياته وحياة أسرته بالكامل. توجيه الفكر وكشف «حمزة جمجوم» -مخرج سينمائي- تفاصيل صناعة الصورة الذهنية لدى الجمهور، مؤكّداً على أنّ صناعة البطل الأمريكي تأتي عبر السينما الأمريكية، مشيراً إلى قصص خيالية حدثت في المملكة، مبيّناً للجمهور أنّها ليست حقيقية، بعد أن تفاعلوا معه، لافتاً إلى أنّ صناعة السينما توجه الفكر بطرق متعددة. خدمة الناس ولفتت «غادة الغنيم» -طالبة دكتوراه ورئيسة موقع سعوديون في أمريكا- إلى تنامي وانتشار العمل التطوعي في الولاياتالمتحدةالأمريكية، مشيرةً إلى ترابط الطلبة السعوديين في «أمريكا»، منوهةً بأنّ أهم ما يجب أن يحرص عليه المبتعثون هو خدمة بعضهم البعض، مستشهدةً بموقع «سعوديين في أمريكا» الإلكتروني، فعلى الرغم من تباعد أفراد فريق العمل على امتداد الولايات، إلاّ أنّهم يجتمعون لخدمة الطلبة أكاديمياً، وتقديم خدمات متنوعة، مثل التعريف بالمدن، وربط الطلبة، وأوضاع الجامعات، وكيفية الحصول على قبولات في الجامعات الأمريكية. إعلام قيمي وأوضح «ماجد بن جعفر الغامدي» -إعلامي- أنّ اليابان أنتجت مسلسلاً كارتونياً شهيراً «كابتن ماجد»؛ لتفعيل ثقافة محبة كرة القدم، وذلك حتى تخلق هدفاً مستقبلياً للشباب الياباني وهو الحصول على كأس العالم، مبيّناً أنّهم حصلوا بعد أقل من (15) عاماً على كأس آسيا، ونافسوا على بطولات كأس العالم في السنوات التالية. رحمة وعذاب ولخصّ «غسان الحيدر» -طباخ- رسالته لزملائه المبتعثين؛ بأن يعيش الشاب حياته لا أن يعيش حياة غيره، وعليه التقدم وعدم النظر في المصائب والمشكلات، فقد تكون المصيبة رحمة في لباس عذاب، مضيفاً: «ساعدوا الناس على تحقيق أحلامهم؛ كي تكون جزءًا منها، ما تروه أمراً بسيطاً يصبح شيئاً كبيراً في المستقبل». وصفة نجاح وبيّن «أدهم قاري» -المدير التنفيذي للمؤتمر- أنّ ردود الفعل كانت المقياس الحقيقي لمعرفة مدى نجاح المؤتمر، حيث تحققت الفائدة الحقيقية بضخ التجارب الناجحة في عقول وقلوب الطلبة المبتعثين، مشيراً إلى أنّ الدعم الحقيقي للمؤتمر كان بحضور الطلاب المبتعثين، وإيمانهم بالمناسبة التي خرجت في ثوبها الأخير بما يليق وما تمنوه، مشدداً على أنّ فريق العمل في المؤتمر هو من قاد هذا النجاح، ولا يمكن أن يجير لشخص واحد، والأهم أنّ جميعهم متطوعون، منوهاً بالدعم الذي تلقاه المؤتمر من الملحقية الثقافية السعودية في الولاياتالمتحدةالأمريكية مادياً ومعنوياً، حيث كان ذلك من الأسباب الرئيسة لنجاح المؤتمر. مقطوع من شجرة! وأشار «شاكر علي» -مؤسس موقع سعوديون في أمريكا- إلى أنّه وجد نفسه في الحياة من دون أسرة و»مقطوع من شجرة»؛ مما جعله يحول ذلك ليكون دافعاً للبحث عن المستقبل، من خلال برنامج خادم الحرمين الشريفين للإبتعاث، حيث شكّل ذلك مخرجاً له للهروب من واقعه، خصوصاً بعد الصفعات المؤلمة التي ظل يتلقاها من مجتمعه، في تجارب مؤثرة لمحاولة الإرتباط بفتاة تكون زوجته، وكل ذلك بسبب أنّه «من دون أصل». وأضاف أنّ حصوله على شهادة البكالوريس كانت لحظة مؤثرة في حياته، بإعتبارها من ستفتح له الأبواب، بحثاً عن شريكة المستقبل، موضحاً أنّ رغبته في خدمة المبتعثين الجدد قادته لإطلاق موقعه؛ مما جعلهم أسرته التي بحث عنها. د.محمد العيسى متحدثاً للمبتعثين في المؤتمر الزميل «صالح الحيدر» بين الحضور