جاء في الأخبار المحلية أن إمارة منطقة المدينةالمنورة طلبت من جهات الاختصاص أن تبادر إلى الطلب من مواطن بتغيير لون منزله المطليّ باللون الأسود تشبهاً بالكعبة المشرفة، وإبرازه بصورة توحي أنه معلم إسلامي. مثل تلك المتاعب كان من الممكن تفاديها لو اعتمدت البلديات الأنماط العمرانية والإنشائية حسب كل مدينة أو حارة أو منطقة. تُلزم الناس بها وتوقف الإنشاء عند من يتجاوزها حسب مزاجه. ويبدو أن مهمات البلديات تنتهي بمنح " الفسح " أو لنقل رخصة التشييد. لأن كلمة الفسح لا تنطبق - بلاغة - على حسن الكلم، فالفسحة بالضم السعة، وتفسحوا في المجالس ..إلى آخره، ورخصة الإخراج الجمركي تسميها العامة الفسح، وهو خطأ أصبح متبوعا في الأوراق الرسمية. أعود إلى الأمانات والبلديات الفرعية ومفتشيها. أما كان يجب عليهم لفت نظر من أنشأ مبنى يُحاكي الكعبة أن يقفوا على الموقع وينصحوا صاحبه بأن ما يُلفت الأنظار سيعود إليه بالخسران عندما يصدر أمر إزالة، أو تعميد بإيقاف الاستمرار بالبناء. ثم ماذا جاء بخارطة المبنى؟ ألا يجب أن تكون صادرة عن مكتب هندسي معتمد؟ وإن كان الأمر كذلك أم يكن من ضمن واجبات النصح أن يقول المكتب الهندسي لعميله إن النمط الإنشائي فيه من المحذور أكثر من الإثارة (إثارة انتباه العابرين). قرأتُ أن احدى المؤسسات الصحفية في وسط لندن أرادت تركيب مكيّف شباك في مكتب تشغله من مبنى يطل على شارع رئيس. وبلدية المنطقة تلك تحرص على المظهر العام. وكانت النتيجة أن رفضت تركيب المكيّف، لأنه سيظهر نشازا متعمدا في النمط المعماري، وسيأتيها (البلدية) اللوم من سكان الحيّ، وربما أسقطت الأصوات عن رئيس البلدية في الانتخابات البلدية القادمة لهذا السبب. يقع اللوم في إرباك قضية صاحب مبنى المدينةالمنورة على جهتين: المكتب الهندسي والبلدية. والأسباب التي تعيق المعماري أو المكتب الهندسي، فهو مستعد لتلبية احتياجات العميل المعمارية لا سيما أننا نلاحظ وجود العديد من الجنسيات المقيمة داخل المملكة والتي تعمل في هذا المجال والتي تحتاج إلى فترة حتى تتأقلم وتتعرف على خصوصية هذا المجتمع. وربما أن الذي أعطى المشورة بتشييد مبنى كهذا هو واحد من أولئك، ومررهُ إلى البلدية وأخذ رخصة البناء. وأهم الأسباب هي سوء إدراك العميل نفسه وعدم معرفته بالذوق العام وذلك يعود إلى عدم خبرة العملاء في المجال المعماري والإنشائي بصفة عامة هذه مشكلة تواجه المكاتب عندنا في فهم متطلبات العميل وعدم قدرة العميل على شرح وجهة نظره بالنسبة للمشروع المقدم للمكتب سواء كان منزلا أو غيره.. فهناك عملاء محافظون ولا يستطيعون الإفصاح أو التعبير عن متطلباتهم وهناك عملاء آخرون منفتحون وتكون مطالبهم تعكس التواؤم مع الحاجة والذوق.