وهي لغة لم يقدر لها الانتشار وخاصة في البلاد التي فتحها المسلمون، بعكس اللغة الإنجليزية التي تبنتها الدول التي استعمرتها بريطانيا، ثمّ إنّ أبناءها أنفسهم هجروها، وأصبح لكل إقليم لهجته أو حتى لغته الخاصة، ولعلّ أهمّ الأسباب هو نحوها أو قواعدها المعقدة، والتي تعتمد على الإعراب، وهو الحركة في آخر كلّ كلمة، على أنّ الإعراب قد يكون بحروف العلة كما في الأسماء الخمسة، أو بحذف النون كما في النصب والجزم، وابن مالك يقول في ألفيته وحذفها للنون في الجزم والنصب سمة كلم تكوني لتقولي مظلمة على أنّ كثيراً من النصوص شذّت عن هذه القواعد، واعتبرها النحويون تعسفاً من لحن القول، أو خطأ نحوياً رغم أنّ قائليه ممن يستشهد بهم في النحو، فالأعشى يقول إن تركبوا فركوب الخيل عادتنا أو تنزلون فإنّا معشر نزل والأصح عند النحويين أو تنزلوا بدون النون لأنها معطوفة على إن تركبوا، والفرزدق يقول ومرّ زمان يابن مروان لم يدع من المال إلاّ مسلتا أو مخلق والأصح هو مخلقاً لأنها معطوفة على «مسلتا»، والفرزدق ممن يستشهد بهم في النحو، ومع ذلك تصيد النحوي ابن أبي اسحق الحضرمي لأخطائه وعدد الكثير منها، حتى تبرّم منه الفرزدق وقال ولو أنّ عبدالله مولى هجوته ولكنّ عبدالله مولى مواليا فردّ عليه الحضرمي قائلا إنّ الصحيح هو مولى موال، ثمّ إن بعض النصوص في القرآن لم تنطبق عليها قواعدهم، مع أنّ ما ورد في القرآن هو الصحيح لأنه سابق على وضع قواعد النحو ، ومن قبيل ذلك: « إنّ هذان لساحران » وعند النحويين « إنّ هذين » مع إنّ هناك لغة من لغات العرب تنصب وتجر بالألف كالقائل: إنّ أباها وأبا أباها بلغا في المجد غايتاها وعند النحويين الاسم لا يأتي بعد إذا مع أنه ورد كذلك في القرآن في آيات كثيرة كما في «إذا الشمس كوّرت» ويمكن أن نرد عليهم بأنّ طرفة بن العبد وهو من يستشهد بشعره قال: إذا القوم قالوا من فتي خلت أنني عنيت فلم أكسل ولم أتبلد والمشكلة أنّ النحو العربي لم يتطور أو يتجدد منذ أن وضعه سيبويه، وفي العالم العربي عدة مجامع للغة العربية، فمتى تقدم على ذلك؟