في كل مجال هناك «هوامير» همهم الربح السريع، بغض النظر عن أي مصالح وطنية عامة، وبأي وسيلة «شرعية» أو غير مشروعة، وهم يزدادون انتشارا مع ضعف تطبيق الأنظمة. هؤلاء الهوامير لازالوا يضاربون في سوق الأسهم، رغم كل الانهيارات، بلا حسيب ولا رقيب، وفي سوق العقار يحتكرون ويكتنزون ملايين أمتار لا تضرها شمس، ولا تمسها رسوم ولا زكاة، فترتفع الاسعار والأرباح، مع التباهي بتقديم فتات الفتات في اعمال خيرية، والضحية مواطن صار حلمه علبة «سردين»!. الهوامير يكبرون في عالم الصفقات، والمناقصات الحكومية، وفي سوق المقاولات، وقد يكشفهم مفتش الفساد السيد مطر، لكن كما أن هناك مظلات تحمي من المطر، هناك مظلات تحمي من العقاب! يجمع هؤلاء «الهوامير» الجشع والاستخفاف بالقرارات الحكومية، ما يسهم في نشر ثقافة خطيرة في المجتمع نحو عدم احترام الأنظمة، لدى الأجنبي والمواطن، فتصبح على المدى الطويل الفوضى سيدة المشهد. المصيبة الأكبر حين يتسلل هؤلاء الهوامير إلى قطاعات مثل الصحة والتعليم، ويبدو أن السادة «الهوامير» التفتوا للأسف إلى المتاجرة في مجال التعليم! الكثير من المدارس الأهلية تقدم خدمات تعليمية متدنية المستوى، وتأهيل الإداريين والمشرفين والمعلمين في غاية الضعف، وهذه أمور نسبية، قد يطول الجدل حولها. لكن هناك أمور كما يقول المثل (على عينك يا تاجر) أبرزها ان معظم المدارس الأهلية، معظم المعلمات والمعلمين فيها أجانب، وإذا كنا نعذر على ضعف السعودة، المقاولون أو المصنعون أو رجال الأعمال في قطاعات لا يقبل عليها السعوديون والسعوديات، أو ليست إنتاجيتهم فيها كما إنتاجية العامل الأجنبي، فإن قطاع التربية والتعليم يجب قصره بالكامل على أبناء وبنات البلد. قبل نحو سنتين صدرت قرارات وطنية مخلصة في غاية الأهمية لتوفير مزيد من الوظائف الملائمة للسعوديين والسعوديات، من خريجي الجامعات، وكان أولها وأبرزها زيادة رواتب المعلمين والمعلمات السعوديين في المدارس الأهلية، عبر وضع حد أدنى للرواتب مقداره 5600 ريال، مع مساهمة صندوق الموارد البشرية ب50% من الرواتب لمدة 5 سنوات. وبعد الكثير من «المماطلة» والتسويف طبقت بعض المدارس الأهلية القرار حسب بيانات التأمينات الاجتماعية «الرسمية ، التي لا تصور أحيانا الواقع كما هو. لكن الكثير من المدارس لازالت تلتف على القرار، وقد عايشت حالة محددة لخريجة ذهبت لإحدى المدارس الأهلية وعرضوا عليها مرتب ثلاثة آلاف، وأن تلتزم بالعمل دون توقيع عقد رسمي!، وهذه حالة خاصة، يصعب عليّ تعميمها. المؤكد هو الانخفاض الشديد لنسب السعودة في أغلب المدارس الأهلية، وفقاً للبيانات الرسمية، ووفقاً للمشاهدات الواقعية، ومطلوب مزيد من الحزم ومزيد من الجولات التفتيشية لرصد الواقع كما هو، ومعالجة الخلل فيه بسرعة، بحس وطني، من قبل وزارة التربية والتعليم ووزارة العمل، تنفيذا لأوامر ولي الأمر.