تخطى عشق أهالي مدينة جبة «120 ك. م شمالي حائل» وتعلقهم بجبل «أم سنمان» منذ قديم الزمان حدود الحنين إلى المكان وتحول إلى قصة ولع وشغف تتناقلها الأجيال، ذلك أن أهالي جبة يعتبرون أم سنمان بمثابة الدلالة الموثقة على تاريخ جبة وما شهده من تحولات تاريخية واجتماعية نقشتها أيدي المؤخرين على صفحات صخور هذا الجبل الشامخ عبر العصور المتلاحقة جعلت من جبة مقصد الباحثين من مختلف بقاع الأرض، فضلاً عن الدور الكبير الذي لعبته أم سنمان باعتبارها أحد الدروع الحصينة التي وقت مدينة جبة بفضل الله من زحف الرمال الهائل على مدار العام حيث وجدت جبة في أحضان أم سنمان الملاذ الآمن من التصحر لقرون عديدة خلت. وقد توارث أبناء جبة هذا العشق الذي دفع الشعراء إلى دمج أم سنمان في أغلب قصائدهم أياً كانت مناسبة القصيدة أو مضمونها.. حتى أصبح الاستشهاد بأم سنمان عُرفٌ لا تتجاوزه القصيدة. وفي السياق ذاته أشار المؤرخ سعود بن نايف النايف إلى أن شعراء جبة قد تسابقوا لتوثيق هذا المعلم السياحي والتاريخي الجميل في قصائدهم قديماً وحديثاً، مضيفاً أن إحساس أبناء جبة بالانتماء إلى هذه البقعة الصغيرة من أرضهم لا تقارن إلا بحب الآباء لأبنائهم. واستشهد النايف بعدد من القصائد لشعراء بارزين لم تخل قصائدهم من ذكر أم سنمان في كل موضع حيث قال الشاعر راضي بن فاران - يرحمه الله - في مطلع إحدى قصائده: بخشوم مزن شمخ له ضحاهي من شاف مثلي مثلهن ما ينودي اطلب عسى وبله على الخب طاهي يسقي أم سنمان وهاك النفودي كما قال الشاعر خالد بن مشيط: ما داس جبة وأم سنمان منقود بأسباب قوم يحفظون الوداعة قوم بهم صبر على العسر والكود وكل على العليا طويل ذراعه وقال الشاعر جلعود لافي: سنمان فيها مدحكم نقش ولباس لجبة وأهلها من عصور النبوة أيضاً قال الشاعر بصري الوضيحي - يرحمه الله - في إحدى قصائده: يا بارق قفى بقلبي بحوطة نامت عيون الناس وأنا استخيله دون أم سنمان ورى خشم غوطة وقرب محاريها شمال الخميلة فيما قال الشاعر عبدالله بن مطلب - يرحمه الله -: عسى الحيا ياجت فوقه تصبه قبل الرعد يسمع به البرق ريح على أم سنمان وخبه مكبه ينشي مطر رحمه وسيله سفايح من ناحيته عرّف الأستاذ عبدالكريم حجاب تسمية أم سنمان بما ذكره المؤرخون بأن هذه التسمية قد جاءت بسبب التشكيل الصخري للجبل المكون من قمتين تشبه إلى حد ما سنامي الجمل مشيراً إلى أن مصدر إعجاب الكثيرين من الشخصيات العالمية التي زارت جبة واطلعت على مميزاتها هو وجود هذه الجبال الشاهقة في وسط صحراء النفود الكبرى في مشهد قل أن يتكرر.