التحقيق الصحافي الذي نشرته «الرياض» قبل أيام عن ممارسات، ومفاهيم، وتسلط إدارة التعليم بالزلفي، وسلوكها في التعاطي مع واجباتها تجاه الوطن، والأجيال، والنظام السياسي، وفضح التحقيق للأساليب التي كانت هذه الإدارة تتفرد بها في خيانة أمانتها، ورسالتها، بحيث كان التوجه الشخصي، والقناعات الذاتية الخاطئة هما المحرك لإلغاء عقول الشباب، وفرض وصاية خاصة جداً على تشكيل مفاهيمهم، وتحديد مسارات وعيهم، بهدف سلخهم تماماً عن فضيلة الانتماء، والإخلاص، والولاء للوطن، وتراب الوطن، ومستقبلات الوطن. هذا التحقيق كشف، وبوضوح مخيف، عن النوايا، والأهداف، والمخططات التي تكون بشكل ممنهج ومبرمج في قطاع التعليم والتربية، والمحاولات التي تجتاح أجيالنا، ودفعهم إلى الإرهاب بكل أشكاله، وتأسيس عقول ترفض الوطن، وإنسان الوطن، وتكرس ثقافة القتل والدمار، والدماء، والتكفير، وإلغاء الآخرين، وفرض ثقافة أحادية متطرفة لا تقبل الفهم، والحوار، والقواسم المشتركة. «مساء الجهاد مساء الاعداء مساء الدماء مساء الأشلاء مساء الرقاب..» جهاد، دماء، أشلاء، رقاب. مفردات هي من قاموس العفن، وكهوف الظلام، والحقد، تشي بالصديد، والقيح، والتشوه النفسي، والحياتي، وتأتي من أدبيات فكر الزوايا المعتمة في كهوف التاريخ، وترسم أمامك مشهداً من الخوف، والرعب، وبؤس التفكير، وإلغاء الوطن بكل مكتسباته، وإرثه الحضاري، والفكري، والجغرافي، والاجتماعي. وما نشرته «الرياض» في هذا التحقيق هو ضوء بسيط جداً، ربما لما يمارس في أكثر من موقع، وأكثر من مكان، بعيداً عن المراقبة الحقيقية، أو بتواطئ من مسؤوليات ادارية تتدرج في سلك المسؤولية التربوية والتعليمية والتثقيفية، وصناعة الوعي، وهو في ذات الوقت ما يحفزنا بكل شرائحنا ومواقعنا في المجتمع على امتلاك الجرأة، والشجاعة لكي نحاسب المسؤول، ونضع حداً لكل تجاوزات تستهدف أمن الوطن، وسلامة النظام. من أعطى الحق، أو على الأقل الاطمئنان من المحاسبة، والعقاب، والإقصاء لمسؤول في ادارة التعليم بالزلفي أن يصادر شعار مرور مائة سنة على قيام هذا الكيان الجغرافي..؟؟ من أعطاه الحق في رفض الاحتفال باليوم الوطني، الذي هو مصدر اعتزازنا، وفخرنا، وهويتنا، بحجة انه كفر، وشرك..؟؟ من أعطاه الحق في مصادرة صور المؤسس الملك عبدالعزيز، رمز الوحدة، والتوحيد، والكفاح، والجهاد، وباني الدولة السعودية الثالثة على أسس ثابتة من الانتماء العروبي، والإسلامي، وتصنيف هذه الصور في خانة الصنمية، والكفر..؟؟ من أعطاه الحق في رفض حب الوطن، والاستماع إلى النشيد الوطني وجعل ذلك في دائرة الوثنية، والإلحاد..؟؟ ثم لماذا قبل وزير التربية والتعليم بقرار مدير إدارة التعليم بالزلفي إلغاء «العرضة السعودية» في مناسبة وطنية ليستعاض عنها بنشيد «مساء الجهاد» وأليست هذه بادرة تستدعي أن تفتح الوزارة عينها على ما يجري، ويمارس، وتبدأ تحقيقاً واسعاً وشاملاً لمحاصرة هذا الفكر، وهذا السلوك، وتنظيف جهاز التعليم والتربية من عقول مريضة..؟؟ إنها اسئلة مشروعة لكل مواطن..!؟ والأسئلة من أجل أمن الوطن..!؟