رغم كل التحديات التي تواجه القراءة في الوطن العربي تبرز جهود مؤسسة الفكر العربي في تبني ترسيخ مبدأ القراءة في جيل الأطفال والناشئة لإكسابهم مهارات القراءة التي تجعل منهم قارئين مدى الحياة. الأحلام تبدأ هكذا.. بذرات صغيرة تبذر في أرض خصبة تتعهدها جهات مهمومة بمعناها ومبناها حتى النخاع، ترعاها بالتأهيل والتدريب حتى تنمو وتستقيم وتطرح ثمارها لدعم نهضة هذه الأمة. أحسست بهذا الجهد المبارك حين شاركت مطلع هذا الشهر في ورشة تدريبية أقامتها الأخوات في مؤسسة الفكر العربي، ضمن مشروع عربي 21، الذي تتبناه المؤسسة لتفعيل القراءة باللغة العربية، وكان محور العمود الفقري لهذه الورشة حول تصنيف كتب أدب الأطفال العربي والتي نفذت في عدد من الدول العربية منها بيروت وعمّان ودبي والرياض وعُمان.. ونتج عنها تأسيس شبكة عربية لتصنيف كتب أدب الأطفال. قوة هذه الورشات تكمن في كونها تُعد مدربين معنيين بثقافة الطفل ليكونوا قادرين على تصنيف أي كتاب موجه للطفل، مما يحقق للطفل النجاح في عملية القراءة بالعربي، وفق معايير خاصة اتفق عليها التصنيف ضمن مشروع عربي 21، وهذه المعايير من شأنها - لو تم الالتزام بها – أن تُحسّن كتب الأطفال، وتُشجّع الكتّاب والرسامين والناشرين على مضاعفة الجهود لإنتاج قصص للأطفال ذات نوعية عالية. المشكلة التي لمسناها من خلال كلام المدربات في الورشة هي عدم تعاون بعض الجهات الرسمية والخاصة، وبعض دور النشر المعنية بالطفل، مع تطبيق معايير تصنيفاتهم التي ضمنّها المشروع، وهذه شكوى تكاد تكون عربية شاملة، وكنّ يأملن لو يجدن التزاماً ما أمكن بمعايير الجودة والتصنيف ليتحقق للمشروع نجاح أهدافه ورسوخ رؤيته ورسالته. قلت للدكتورة منيرة الناهض، والتي مثلت مؤسسة الفكر العربي في الورشة، ان أهدافكم هذه ستتحقق لو اتحدت وزارة التربية والتعليم مع وزارة الثقافة والإعلام في تبني هذه المعايير، فهما طرفا معادلة نجاح هذا المشروع، وبدون اتحاد برامجهما وتكاملها لن يكون هناك نجاح. بإمكان وزارة الثقافة والإعلام أن تلتزم بتطبيق معايير الجودة والتصنيف كشرط لفسح كل كتاب تصدره من أدب الأطفال، وأن تُعد البرامج الإعلامية التي ترسخ التوعية بهذه التوجهات الداعمة للقراءة، وبإمكان وزارة التربية والتعليم أن تلزم مؤسساتها بتبني هذه الكتب ومتابعة استخدامها في مدارسها وروضاتها. من حق لغتنا العربية "لغة القرآن" علينا أن نضمن لها كل ما يجعلها ترسخ وتقوى في كل عصر وزمان، في ظل تحديات كثيرة تهددها، تم تحديدها، منذ أيام، من قبل المجلس الدولي للغة العربية، بما يقارب 12 تحدياً!