الدكتوران «هاغنس» و«هودجز» أول من استعملا المعالجة الهرمونية لسرطان البروستاتا في سنة 1941م. ونالا جائزة نوبل في الطب نتيجة اكتشافهما لفعالية ذلك العلاج لبعض أنواع سرطان البروستاتا المنتشر أو النقيلي خصوصاً إلى العظام مع تحسن ملموس في الأعراض السريرية ومنها الآلام المبرحة في معظم تلك الحالات ولو لفترة لا تزيد على السنتين حيث يبطل مفعول المعالجة وتعود تلك الأعراض على شدتها فتنغص حدته حياة المريض. واقتصر العلاج في البداية على الاحضاء ومن ثم استعمال الهرمون الانثوي لتثبيط مفعول الهرمون الذكري المسؤول الأول عن حدوث وتقدم هذا الورم المنتشر عالمياً والذي يعتبر السرطان الأعلى نسبة بين كل الأورام التي تصيب الرجال الذين تجاوزوا 50 سنة من العمر والقاتل الثاني لهم، بعد سرطان الرئة في العالم الغربي، ورغم النجاح الأولي لذلك العلاج في بعض تلك الحالات إلا أنه لم يحرز على موافقة ورضا معظم المرضى خصوصاً بالنسبة إلى الاخصاء ونتج عنه عدة مضاعفات جانبية بعد استعمال الهرمون الأنثوي أبرزها الأمراض القلبية والوعائية وحالات الانعمام الخثاري مما حد من مفعوله واستعماله لدى الكثير من المرضى الذين احتاجوا إليه. وفي منتصف الثمانينات وافق مركز التغذية والأدوية الفيدرالي الأميركي على استعمال منشطات هرمون LHRH المفروز من العطاء في الدماغ والمسؤولة عن حث الغدة النخامية إلى إفراز هرمون LH الذي ينبه خلايا «ليدغ» في الخصية على إفراز الهرمون الذكوري أي التستوستيرون والتي كما أظهرت عدة دراسات وأبحاث عالمية أنها تساعد على تثبيط افراز تلك الهرمونات وتخفيض معدل الهرمون الذكري في الدم بنسبة عالية جداً كما أنتج حديثاً هرمون جديد يثبط إفراز هرمون LHRH من العطاء في غضون شهر وبينت عدة دراسات تفضيل معظم الرجال تلك الهرمونات على الاخصاء. وتم أيضاً اكتشاف واستعمال مضادات الأندروجين التي تعدّ مستقبلات الهرمون الذكري وتحدّ من تنشيطه الخلايا السرطانية في البروستاتا أو بعد انتشاره إلى أعضاء أخرى في الجسم كالعظام مثلاً. وفي البداية طبق هذا العلاج الهرموني على حالات سرطان البروستاتا المحصور غير القابلة للمعالجة الجراحية أو بالأشعة ولكنه فيما بعد شمل حالات الورم المتقدم أو النقيلي عندما تبين أنه قد ينفع في تمديد فترة البقاء على قيد الحياة، بإذن الله سبحانه وتعالى، في بعض تلك الحالات، خصوصاً إذا ما استعمل لمدة اشهر قبل القيام بالمداواة بالأشعة وفي حالات انتشار هذا الورم بعد العلاج الأولي الجراحي أو الاشعاعي. وفي الماضي كان الاعتقاد الخاطئ لدى معظم الاخصائيين أن تلك المعالجة التي تختلف عن المعالجة الكيميائية لا تقترن بأية مضاعفات جانبية وقد دحضت الأبحاث الحديثة تلك النظرية إذ أنها أظهرت حدوث عدة أعراض جانبية مزعجة وخطيرة بعد استعمالها أبرزها التوهجات الساخنة والتعب الجسدي وفقدان الرغبة الجنسية والعجز الجنسي وزيادة الوزن مع تراكم الدهن في أسفل البطن واضطرابات الذاكرة وتجفف العيون وزيادة أو نقص الشهية على الطعام وتعكير المزاج وضعف العضلات وفقدان التوازن والأرق وخصوصاً تخلخل العظام التي قد تسبب كسور العظام وفقرات العامود الفقري مع ضغط على النخاع الشوكي الذي قد يؤدي إلى الشلل إذا لم يشخص ويعالج باسرع وقت ممكن. فقد نشط العالمون حديثاً وكثفوا أبحاثهم الطبية لتفهم أسباب تلك المضاعفات الجانبية الخطيرة والمنغصة لحياة الملايين من المرضى الذين يستعملون تلك المعالجة الهرمونية عالمياً وإيجاد حلول للوقاية منها أو وسائل لمعالجتها إذا ما حصلت للمحافظة على جودة الحياة وإيجاد حلول للوقاية منها أو وسائل لمعالجتها إذا ما حصلت للمحافظة على جودة الحياة التي تشكل عنصرا اساسياً في علاج تلك الحالات. تخلخل العظام Osteoporosis إن تخلخل العظام يحصل عادة عند النساء بعد سن اليأس ويعرضهن إلى الكسور، ولكن حدوثها عند الرجال في الشيخوخة لا يزال موضوعاً للجدل رغم أن حوالي 33٪ من كسور الورك تحصل للرجال وقد تعرضهم إلى الوفيات بسببها وقد تصيبهم بسبب نقص معدل الهرمون الذكري في الدم مما شدد أهمية تلك الحالة عند الرجال المصابين بسرطان البروستاتا والخاضعين للعلاج الهرموني الانثوي أو بمنشطات أو مثبطات GNRH الهرمون المفروز من العطاء في الدماغ لا سيما أن عدة دراسات أكدت حدوث تخلخل العظام بعد الاحضاء أو العلاج الهرموني بنسبة ضعفين ونصف لدى هؤلاء الرجال إذا ما قورنوا بالرجال المتعافين وارتفعت نسبة حدوث كسور في العظام لديهم إلى حوالي 65٪ في غضون 10 سنوات من المعالجة، وقد أبرزت الأبحاث عن تغييرات ونقص في النسبة المعدنية الموجودة داخل العظام بعد المعالجة بمنشطات هرمون العطاء GNRH مع زيادة تحول العظام لديهم نتيجة ذلك العلاج وليس بسبب سرطان البروستاتا نفسه. ورغم أن أسباب حصول تخلخل العظام لا تزال مجهولة إلا أن المعتقد الطبي السائد يرجح نقص الهرمون الذكري كسبب أولي لها لا سيما أن هذا الهرمون يحث على إنتاج عدة عوامل لنمو العظام أو بسبب عدم تحويله إلى الهرمون الانثوي في الجسم الذي يمنع حدوث التخلخل العظمي كما تبين في بعض الدراسات. وللوقاية من حدوث تلك الحالة حاول الاخصائيون استعمال عدة سبل علاجية منها العلاج الهرموني المتقطع والانقطاع عن التدخين والاقلاع أو تقليل شرب القهوة والشاي والكحول واستعمال فيتامين «د» والكالسيوم يومياً والاعتدال في الرياضة. وقد طرأ في الاعوام القليلة الماضية تطور طبي مهم للوقاية من حدوث تخلخل العظام في تلك الحالات باستعمال الفوسفونات الثنائي Biphosphonates وأبرزها حمض الزوليدرونيك Zoledronic acod التي تثبط مفعول ناقفات العظم التي تسبب ارتشاف الكالسيوم منها. وأكدت عدة دراسات فعالية تلك العقاقير بمنع حصول التخلخل العظمي وتخفيض نسبة حدوث الكسور في العظام مع مضاعفاتها الوخيمة وتخفيف الآلام الهيكلية ومنع فقدان معدن العظام بل زيادة كثافتها عند هؤلاء الرجال.