تروح قرية البيرونا الصغيرة التي تعود الى العصور الوسطى في سكون تام بعد وقت الغداء.. ولا يمر بشوارعها الخالية المرصوفة بالحجارة سوى رياح قوية تجتاح أركانها. لكن رئيس بلدية القرية ارتورو بيتي يأمل في ان الرياح ربما تكون الشيء الوحيد الذي يستطيع ان يبث حياة جديدة في تلك القرية الواقعة بالجنوب الايطالي. فرئيس البلدية يريد ان يبني طاحونة هواء جديدة. وقال بيتي بينما كان يتصفح اوراقا لكومة من المشروعات موضوعة على مكتبه تهدف لتهيئة حياة افضل «اكتشفنا موردنا الذهبي.. الرياح. انها مصدر نظيف ودائم للطاقة وسنعمل على تحقيق أفضل استفادة منها». وتقع البيرونا على مجموعة من التلال ترتفع وتنخفض وتعد امتدادا لجبال ابيناين بمنطقة بوليا وهي من أكثر المناطق التي تهب فيها رياح شديدة في ايطاليا. والتضاريس في البيرونا أكثر وعورة منها في توسكانيا وهي قمم تلال ظهرت عليها فجأة ثلاث طواحين هواء طويلة في اواخر التسعينات قدمتها الحكومة كجزء من الترويج للطاقة المتجددة بهدف تقليل انبعاثات ثاني اكسيد الكربون ووقف ظاهرة الاحتباس الحراري. وينتقد البعض تلك الابراج المعدنية ويرون ان منظرها قبيح وينبغي الا يكون في بلد في مثل جمال ايطاليا لكنها تعد بالنسبة لسكان بوليا أملا في المستقبل. وبوليا احد اشد المناطق فقرا في ايطاليا حيث نسبة البطالة بها تعادل ضعف معدلها على المستوى القومي. وتنتشر بالفعل 60 طاحونة هواء على التلال المحيطة بالبيرونا ويرغب بيتي في استضافة 60 واحدة أخرى لأن العائد من المشروع والبالغ 1,5 مليون دولار من شأنه ان يضاعف الميزانية السنوية للقرية. فالمنح التي تقدمها الحكومة نادرة لذلك فالعوائد من طاحونة هواء هي الوسيلة الوحيدة لخلق وظائف وتنمية الخدمات العامة ووقف هجرة الاشخاص لأماكن ميلادهم. وقال بيتي «لا توجد هناك وظائف. الشبان يهربون بعيدا.» ويعيش في البيرونا حاليا قرابة ألف شخص بعدما كان العدد خمسة الاف قبل نحو 50 عاما. ويمكن ان ينخفض هذا العدد إلى 400 شخص فقط بحلول عام 2018 وذلك لأن 40 في المئة فقط من سكان القرية لديهم وظائف. ولا توجد مستشفى في البيرونا كما اضطر البنك الوحيد لاغلاق ابوابه في وقت سابق من العام الجاري بعدما لم يتمكن من اجراء اي انشطة هناك. ويخشى رئيس بلدية القرية من انه اذا لم يتم استحداث استثمارات جديدة حاليا فستغلق مدرسة القرية أبوابها ايضا مما قد يؤدي الى هجرة جماعية للشبان. وقال «لا يمكننا الانتظار... البيرونا تقف على حافة الانقراض». ويأمل بيتي في حال المضي قدما في مشروع طاحونة الهواء ان يتم خفض الضرائب المحلية والاستثمار في اصلاح الطرق وخدمات البنية التحتية والخدمات العامة وتقديم وجبات مجانية بالمدارس ومنح الأسر 1000 يورو عن كل طفل جديد وعن اي طفل يلتحق بالمدرسة. لكن المشروع يواجه مخاطر حيث ترغب السلطات في بوليا في تعليق بناء طواحين هواء جديدة حتى تقوم المنطقة التي تنتج بالفعل أكثر من حاجتها من الكهرباء بعمل برنامج عام للطاقة.