تفاعل الشباب السعودي مع الكلمات الطيبة التي ذكرها المعلق الرياضي الإمارتي عدنان حمد أثناء مباراة كأس سمو ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز. قال المعلق الإماراتي إن الشباب السعودي يبدع في بيئة العمل المناسبة وأن من يقوم بالعمل الإعلامي الرياضي هم من الشباب المبدع. أولًا: اشكر الشقيق الإماراتي على هذه الكلمات الطيبة في حق أشقائه السعوديين. ثانياً: اعتقد أن وجود المعلق غير السعودي أفضل بكثير من جلب الحكم الأجنبي. فالحكم الأجنبي شاهد على تخوين الوطني والمعلق الشقيق يتحدث عن ايجابياتنا التي تغيب عن إعلامنا بسبب العمى الثقافي. وثالثاً: أتمنى ألا يكون خبر الاستغناء عن المعلق الشقيق صحيحاً من قبل الإخوة في القناة الرياضية فوجودهم مشجع على خلق تنافس يرتقي بالتعليق لصالح المشاهد. وبالعودة للحديث عن إبداع الشباب السعودي نتيجة بيئة العمل نجد أن دراسة عرضت في معرض توطين الوظيفة في المنطقة الشرقية تشير إلى تسرب الشباب بسبب بيئة العمل. اعتقد أن الإدارة التطبيقية المبنية على الحضور والانصراف هي إدارة بالية لا تهتم بالإنجاز وبالتالي تصبح بيئة تخلق حافزاً على التسرب وتبعاته حتى تصبح البيئة صالحة للوافد على حساب المواطن. ولكن عندما تنتشر ثقافة الإدارة بالانجاز يستطيع الشاب إيجاد الوقت للإنجاز وللإبداع في ظل المتطلبات الوظيفية. وأول خطوة إحالة دفتر التوقيع أو البصمة وشقيقاتهما من المنغصات الوظيفية إلى التقاعد المبكر. فالتزامات المواطن تختلف كثيرا عن التزامات الوافد او على الأقل لا تقاربها في النسبة. فالتسرب لم يعد حصراً على الوظيفية فهو يبدأ من بيئة المدرسة والجامعة التي قد تصبح طاردة أو محفزة للشباب على الانجاز والإبداع. فبحكم عملي الأكاديمي أو المهني أصبحت أكثر قرباً من البيئة الطاردة للشباب ولكن عندما يعطى الشاب الفرصة يبدع بالتزام. ولقد خضت هذا الأسبوع تجربة مع شاب سعودي في جامعة الملك سعود. فهذا الشاب الذي يعمل مصوراً في قسم الإعلام طلبت منه العمل لساعات أطول لضرورة التطبيق العملي للطلاب فاستجاب وتعاون وأبدع. والسبب لم يكن العائد المادي مطلقا وإنما لرغبته في العطاء ولاستمتاعه في بيئة عمل جاذبة. ولذا اتفق مع دعوة أخي عدنان حمد بألا نقسو كثيراً على شبابنا، ولنعطهم البيئة الجاذبة التي تساعدهم على الإنجاز. والدراسة التي أشارت إلى بيئات وظيفية تدفع الشباب إلى ترك الوظيفة رغم الحاجة لها تفلت معها تلك الشركات والقطاعات بحجة أن الشاب هو من تقدم بالاستقالة او التغيب عن العمل بدون عذر او بعد سلسلة من الإنذارات. واعتقد أن القضايا العمالية التي رفعت من الشباب بسبب الفصل التعسفي تحتاج من مؤسساتنا البحثية ومن وزارة العمل تحديداً دراسة مستفيضة. فالخاسر الأكبر من تسرب الشباب خارج الوظيفة سيولد ضغطاً على الدولة وعلى أسرة الشاب وقبل هذا وهذا بحث الشاب عن التعويض المادي الذي فقده قد يكون ببوابة الدخول إلى عالم الجريمة. فالتكوينات الشبابية الجديدة تنذر بخطر إجرامي نتيجة تسرب الطاقات من عالم الإنجاز إلى عالم الضياع. فتجمعات ما يسمى ب"الدربواية" دليل على تشكلات الضياع ولا تحاسب عليها الجهات التي تدفعهم إلى هذا العالم المظلم. بل لعل مؤشرات المباراة التي بثتها قناة ال mbc والتي اعتدى فيها مجموعة من الصبية على الحكم بطريقة إجرامية هي نموذج آخر على تلك العقلية التي تساعد الشركات على عدم توظيف مثل تلك النماذج للعمل. وبالتالي سيكون مصيرها مواصلة مشوار العنف ومن ثم الجريمة أو بالحد الأدنى الضياع. فإما أن نخلق لهم بيئات منضبطة تربوياً بحيث تكون المسؤولية هي طريق النجاح أو الاستمرار في ذات النهج الذي بدأ بإفراز بؤر متعددة للضياع. خيار صعب ولكن النتائج أصعب.