هل يمكن أن ننعش تراثنا العمراني القديم في قلب مدننا بتحويلها إلى أسواق ومطاعم وأزقة تجارية ومراكز لعرض منتجات الأسر المنتجة؟ كيف ننقذ تلك المباني من عوامل التصدع والخراب وسكن العمالة الوافدة وحوادث الحريق والانهيارات؟ سؤالان عريضان واجهنا بهما سياحا سعوديين وهم يتجولون في الأزقة القديمة والمباني التاريخية في قلب مدينة بورصة التركية حيث تحولت لملتقى يومي للسياح ومظلة استرخاء لاسترجاع الماضي الجميل واستنشاق عبق التاريخ. رغم أن بورصة تشهد تنامياً في الاستثمارات، الا أن هذا لم يفقدها أهميتها كمدينة تاريخية حيث وظفت تاريخها في مجال الاستثمار السياحي. ويعتبر خان أمير من أقدم الخانات ونموذجا على تاريخ التجارة في هذه المدينة الموغلة في القدم حيث تتوسطه بركة ماء حولها أشجار الزيزفون كمكان لجذب الزوار كما يوجد خان كوزا أو الذي أسس عام 491 هجرية من قبل بايزيد الثاني لتوفير مصادر للأعمال الخيرية وتخصيص السوق لبيع منتجات الحرير ومن المواقع التاريخية التي وظفت في مجال التسوق والسياحة خان الفضة الذي بني في عام 8051 ميلادية من قبل السلطان بايزيد الثاني لتوفير مصادر دخل للجامع والإمارة حيث تحول اليوم لسوق لتجارة الكتب والمنتجات التراثية. ومن أروع الصور تناول العشاء داخل دار الضيافة التاريخي الذي يزيد عمره على 900 عام حيث بني في الأصل بجوار جامع تاريخي قديم ليكون مقراً لإطعام الفقراء حتى تحول إلى مطعم مكتظ تقصده الوفود السياحية وكبار ضيوف الدولة. المعالجة البلدية لتلك المواقع راعت المحافظة على القيمة التاريخية بحذر فيما كان التدخل المعماري وفق الطرز القديمة للبناء بحيث نفذت مشاريع الترميم بمواد البناء التقليدية مثل أخشاب الأشجار والحجر الطبيعي لرصف الأرضيات مع ترصيع الممرات بالقناديل والثريات ذات الملامح القديمة. مناطقنا المركزية والتاريخية في الرياض ومكة المكرمةوالمدينةالمنورةوجدة تحتضن عشرات من المباني التاريخية ويمكن أن تتحول إلى مقاه ومطاعم وأسواق ومراكز للإنتاج الشعبي وفق إستراتيجية تشترك فيها الهيئة العامة للسياحة والآثار مع وزارة الشؤون البلدية والجهات المتخصصة بالتاريخ مثل دارة الملك عبدالعزيز وأقسام الآثار في الجامعات السعودية للحفاظ على هذه المواقع وإنقاذ ما يمكن إنقاذه منها.