قبل أن يشطح خيال أحدهم ويوسوس له شيطان التخريب أو دعاة الفلتان الأمني خُبثاء الأهداف سأُبادر في فاتحة حكاية اليوم توضيح العنوان وأنني أعني منع أسباب دخول السجن بالقضاء على الجهل والبطالة وهما بعض وسائل منع الجريمة، وبالتالي انتفاء أسباب وجود السجون. في موضوع القضاء على الجهل لا أحد يُنكر ما يتم في هذا الوطن من جهود حثيثة غير مسبوقة لنشر العلم والوعي والمعرفة. قيل عن عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز إنه عصر العلم والتنوير بامتياز قفزت فيه الجامعات من سبع إلى حوالي 30 جامعة علمية مدنيّة توزّعت على خريطة بلادنا وشملت مختلف المناطق والمحافظات. تم ويتم ابتعاث عشرات الآلاف من بنات وأبناء الوطن لكل أصقاع الأرض في مشروع تعليميّ/تنويريّ جبّار ينهلون من العلوم الحديثة في جامعات العالم ويتعايشون مع ثقافات شعوب مختلفة. ثُم اقرأوا إن شئتم ما نُشر في هذه الجريدة في يوم واحد( الاثنين 18 فبراير الجاري) وفي صفحة واحده هذه العناوين: " وزير التعليم العالي يوقع عقود مشاريع جامعيّة ب3مليارات ريال "المانشيت الثاني" أمير جازان يُدشّن ويُؤسس ل(202) مشروع تعليمي جديد ". دعونا من جماعة الإحباط والتثبيط وللنظر ولو لمرة واحدة بنظرة تفاؤلية مصدرها هذا التوجّه الواضح نحو العلم والمعرفة ومراكز البحث العلمي .على أقل تقدير توقع كسب الوطن حربه على الأمية سواء المعرفية أو الأمية التقنية. ما الذي سيقوله إذاً ربعنا المتشائمون فيما لو توقفت هذه المشاريع ؟؟ لا أعني إنشاء المباني المدرسية أو المدرجات الجامعية أو حجرات المعامل والمخابر وأدواتها، بل مشاريع صناعة الإنسان المستقبلي لهذا الوطن، ويعرف الجميع أن صناعة إنسان نافع للبشرية لن يتأتّى إلاّ بالعلم والمعارف والمهارات التقنية. في الجانب الآخر قد تسبب البطالة وطول وقت فراغ الإنسان في انحرافه وجنوحه، وبالتالي دخوله السجن من هنا فإن التعليم ثم التدريب فالعمل أحد وسائل حماية الفرد من ارتكاب الجريمة. أخيرا أقول إن الاهتمام بتعليم متطور يناسب العصر والمرحلة وتدريب العناصر الوطنية الفتيّة على إتقان المهارات المطلوبة لسوق العمل ثم إقفال صنبور الاستقدام المفتوح على آخره هي الوسائل الأمثل لتغيير حال مجتمعنا لحال أفضل وسيكون النتاج انشغال الناس بأعمالهم وشؤون معيشتهم، وبالتالي تقليل فرص الجنوح والانحراف. قيل قديماً "افتح مدرسة تُغلق سجناً".