مقاهي وسط القاهرة وراءها الكثير من القصص والحكايات، مقاه شعبية، وأخرى للأدباء، وثالثة للمثقفين، والأخيرة هي الأكثر اثارة للازعاج بالنسبة للسلطة أحيانا، ومنها على رأسها «أتيليه القاهرة» الذي أقامته الدولة في الستينيات من القرن الماضي، إلى جانب العديد من المقاهي، أشهرها «الحرية» و«الندوة الثقافية» ومقهى «ريش» الواقع بجانب «زهرة البستان» و«التكعيبة» وغيرها . مقهى «زهرة البستان» الشهير الذي لم يتعرض على مدى 80 عاما، هي سنوات عمره، لقرار إغلاق من جانب محافظ القاهرة إلى أن قامت أجهزة المحافظة بوضع الشمع الأحمر على بابه منذ أيام . رواد المقهى وأكثريتهم من المعارضين والمثقفين والأدباء والفنانين التشكيليين تردد بينهم بقوة أن الإغلاق ما هو إلا محاولة لتضييق الخناق على الناشطين «الإصلاحيين» الذين اعتادوا الجلوس على المقهى مؤخرا، وبدأت مداولاتهم تجذب العديد من رواد المقهى العاديين. وربما يكون اغلاق هذا المقهى يرجع لاعتبارات خاصة بتقادم المباني في هذه المنطقة، لكن ماعزز الاحتمال الأول إغلاق مقهى آخر هو «التكعيبة» في وسط العاصمة يوم الأحد الماضي والذي يعرف في أوساط المثقفين باسم «قهوة كفاية» نسبة إلى الحركة المصرية من أجل التغيير « كفايه»، حيث كان يرتاده أعضاء كثيرون من الحركة المعارضة لاستمرار الرئيس مبارك في الحكم لفترة رئاسية خامسة . واذا كانت دوافع اغلاق هذا المقهى لم تتضح بعد الا أن الأوساط الثقافية المصرية تخشى أن يكون قرار إغلاق «زهرة البستان» و«التكعيبة» مقدمة لإغلاق المزيد من نوعية مثل هذه المقاهي وهو مادفع القاص وفيق الفرماوي إلى التعبير : منذ سنوات طويلة وأنا أرتاد مقهى «زهرة البستان»، والسؤال الذي يطرح نفسه : لماذا «زهرة البستان»، والآن بالتحديد يجب أن ينتبه محافظ القاهرة إلى أن هذا المقهى مركز لمثقفي العالم العربي كله، حيث يرتاده الأدباء العرب فور زيارتهم القاهرة، حتى قبل أن يذهبوا إلى أماكن إقامتهم، وهذا المقهى محاط بالعديد من المقاهي الأخرى، التي لم يتعرض أي منها لمثل هذا الفعل، وهو أمر غامض لم يفك شفرته أحد، فقد كان من الواجب على من قاموا بهذا الأمر دراسة الموضوع جيدا، فالمثقفون يعتبرونه جزءا من تاريخهم الخاص .