بينما يلج الكثير من الناس وتناقش الجانب الشرعي في اكتتاب المراعي، يغفل هؤلاء قضية أخرى هي في واقع الأمر على جانب لايقل أهمية عن الجانب الشرعي ألا وهي قضية التسعير الأولي لسهم الشركة, ودون الخوض في عدالة السعر المحدد للسهم والبالغ 512 ريالاً, فإنه لابد من التذكير أن سهم الشركة مثله مثل أي سلعة في السوق تتجاذبه مصالح أطراف متعددة تسعى كل جهة منها لتعظيم منافعها على حساب الأطراف الأخرى, وبالنظر إلى اكتتاب المراعي فإن الأطراف الرئيسة في العملية هي أربعة أطراف رئيسية يأتي في مقدمتها شركة المراعي وملاكها الحاليون، وHSBC (البنك البريطاني) كمستشار مالي ومدير للاكتتاب, والمكتتبون، وأخيراً هيئة سوق المال. وعلى الرغم من الاعتقاد السائد بأن تسعير الإصدارات الأولية عادة مايكون أقل من القيمة الحقيقية لسهم الشركة, إلا أنه من غير المستغرب أن تسعى إدارة الشركة إلى تغليب مصالحها باعتبار أن الاكتتاب يحدث مرة واحدة في عمر الشركة, وعلى الطرف الآخر فإن HSBC البنك البريطاني، بصفته مستشاراً مالياً, يفترض أن يحرص على أن يكون السعر المحدد (512 ريالاً) أقل من القيمة الحقيقية كنوع من الوقاية ضد المسؤولية القانونية التي يتعرض لها البنك وكحماية لسمعة البنك في حال تعرض القيمة السوقية لسهم المراعي إلى انخفاض حاد عند إدراجه في السوق. أما الطرف الثالث في العملية وهم المكتتبون فإن واقع الحال أنهم غير فاعلين في العملية وفي كل الأحوال فليس لهم إلا القبول بالسعر المحدد اعتقاداً منهم أن السعر السوقي سوف يكون أعلى بكثير من سعر الاكتتاب مستذكرين سهم البلاد, والتعاونية, وسدافكو. وعلى الرغم أن التجارب تؤكد أن الاكتتاب الأولي يحقق عوائد استثمارية مجزية, إلا أنه من الخطأ أيضاً الاعتماد على السوق كمحدد لسعر سهم شركة المراعي عند إدراجه. إن السعر السوقي للسهم عند إدراجه لايمثل في واقع الأمر السعر الحقيقي، وإنما يعكس رأي المستثمر المضارب (المقامر) الذي يشتري السهم ويبيعه بهامش حدي (ربحي) يناسب تطلعاته. ومن هنا يأتي دور هيئة سوق المال لحماية السوق ولمراعاة مصالح المكتتبين باعتبارها الطرف الأقوى في عملية الاكتتاب وعلى أساس أنها لابد أن توافق على التسعير الأولي (512 ريالاً) أخذاً في الاعتبار عدة عوامل أساسية معروفة لدى المتخصصين, إن أهمية الموضوع وأسئلة المكتتبين عن عدالة السعر تقتضي من هيئة سوق المال والبنك البريطاني توضيح الأسس التي بمقتضاها تم تحديد السعر لشركة المراعي مما يقتضي توضيحاً أكثر من جانب الهيئة والبنك البريطاني حتى تتضح الصورة وحتى يتم التعامل بشفافية في السوق. كما أن توجه كثير من الشركات العائلية إلى طرح أسهمها والإدراج في سوق الأسهم يتطلب من الهيئة شفافية أكثر تجاه الكيفية التي يتم فيها التسعير الأولي، ويتطلب كذلك وضع ضوابط واضحة وصارمة للتحول إلى شركات مساهمة حتى لايكون التحول على حساب صغار المستثمرين, ومن تلك الضوابط والشروط (Covenants) التركيز على المؤشرات المالية المتعلقة بالربحية والمؤشرات المالية المتعلقة بالملاءة المالية Solvency حتى لايكون العرض والطلب هما العامل الرئيس في تحديد الاكتتاب الأولي IPO, اكاديمي ٭ قسم المحاسبة - جامعة الملك سعود