حصر خبراء اقتصاديون التحديات التي يواجهها اقتصاد المملكة في تنمية الإنسان ليكون قادراً على الإنتاجية ووضع سقف محدد للاستقدام، مطالبين بأهمية قيام بنوك استثمارية تعمل بوصفها شريكاً في المشاريع وليست مقرضة لها. واعتبروا أن خروج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من السوق بعد بدء نشاطها بوقت قصير يدق ناقوس الخطر في هيكلة التنمية الاقتصادية. الحد من الاستقدام وأوضح الخبير الاقتصادي الدكتور إحسان بوحليقة أن أكبر التحديات التي يخوضها الاقتصاد السعودي في الوقت الحاضر، تتمثل في التخلص من بطالة تجاوزت المليوني عاطل، وتنمية قدرات الإنسان وضمه كعنصر فعال ومنتج في دورة التنمية ليست من المهام السهلة، لأن الرفع من قدرات الموارد البشرية هو استقرار اقتصادي مطلوب لأي برنامج تنموي سواء كان قصير أو بعيد المدى. ورأى أن مواجهة هذا التحدي متاحة في الوقت الراهن لأن الدين العام وصل إلى رقم لا يكاد يذكر، وموارد الخزينة العامة في أعلى مستوياتها، والاحتياطي في تزايد مستمر، والفوائض ضخمة، ويتزامن كل هذا مع زيادة مستمرة في الإنفاق الحكومي، وسياسة نقدية توسعية. د. حبيب الله تركستاني وأعتبر أن أولى خطوات التخلص من البطالة هو وضع سقف محدد للاستقدام، فقد وصلت الارقام في العام الماضي الى مليوني عامل عدا العمالة المنزلية، والاستقدام مستمر في سياسة توسعية بوتيرة غير مبررة، وإذا توقف أو تراجع سيتمكن صاحب القرار من التعامل مع أعداد غير محدودة من السعوديين غير المنتجين. بنوك استثمارية من جهته طالب أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور حبيب الله تركستاني بالسماح لكبار المستثمرين بإنشاء بنوك استثمارية وليست تقليدية مثل التي تعمل الآن، مشيرا إلى أن البنوك الحالية تكتفي باقراض المشاريع ولا تدخل كشريك فيها. واضاف ان العمل المصرفي الإسلامي هو الأصل في التعاملات البنكية ونجد بنوكا عالمية وخليجية تعمل وفق المنهج الإسلامي ولا تعلن أنها إسلامية، وتجربتها ناجحة جداً، لكن هذا النوع من التعامل البنكي غائب عن التعاملات البنكية لدينا، ونجد أن البرنامج الذي تعمل من خلاله البنوك موجه لتحقيق مصلحتها بالدرجة الأولى. د. خالد الحارثي واعتبر مقارنة الاقتصاد السعودي باقتصاديات الهند والصين غير ممكنة، لأن الاقتصاد السعودي له مقومات خاصة، فمثلاً اتجهت الصين والهند نحو محاولة تملك أكبر كميات من الذهب خلال السنوات الثلاث الماضية، وهذا التوجه يعني تعطيل الأموال، لأن الذهب هو غطاء للأوراق النقدية وليس سلعة يتم كنزها. إعادة هيكلة من جانبه، أشار رئيس مكتب أرك للاستشارات الاقتصادية الدكتور خالد الحارثي إلى أن النمو الاقتصادي السعودي بحاجة لإعادة هيكلة بعض التوجهات، لأن 90% من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، تعد من النشاطات الرئيسية في تحريك الوسط التجاري اليومي الذي يوفر دخولا ثابتة من السيولة لأصحابها، لكن جميع الدراسات المتخصصة التي تابعت هذا النوع من النشاط وجدت أن ما يزيد عن 70% من هذه المؤسسات تخرج من السوق في السنوات الثلاث الأولى من بدء نشاطها. واضاف: إذا كانت هذه المؤسسات تدعم ظاهرياً لتخرج سريعا، فهذا يعني أن عوائد ودائع البنوك، ومضاربات الأراضي التي قد لا تصلها الخدمات إلا بعد عشرات السنين، ومضاربات وأرباح سوق الأسهم السعودي هي المحركات الفعلية للاقتصاد السعودي وهذا لا يكفي لاستمرار النمو. وأعتبر أن هذه الظاهرة لا يمكن أن تحقق نموا اقتصاديا متوازنا إلا لدى الشركات التي تنفذ مشاريع البنى التحتية، التي تستفيد من الوفورات الضخمة لميزانيات السنوات الأخيرة. وقال: في جميع دول العالم وخاصة الدول التي قامت بتنمية الإنسان مثل اليابان وكوريا، تعتمد في مفاهيمها للنمو الاقتصادي في مجال الموارد البشرية على أن قيمة الموظف بإنتاجيته وإذا كان لا يستطيع أن يقدم إنتاجية فهو لن يستطيع بناء كيانه الذاتي، وبهذا المفهوم خسرت أمريكا وأوروبا أسواق السيارات والأجهزة التقنية بالتفوق الذي اكتسح العالم بالجودة والسعرً.