ذكرت «الرياض» في الصفحة 47 العدد 13530 الصادرة يوم الأحد 4/6/1426ه الموافق 10 يوليو 2005م أن دراسة صدرت في لندن اثبتت أن عشرين في المائة من البريطانيين يربون أطفالاً لا يدرون أنهم ليسوا من أصلابهم، هذا الخبر أعادني إلى الوراء قليلاً (قبل عشرين عاماً) عندما كنت أتلقى تعليمي في لندن للحصول على الدكتوراه في طب وجراحة العيون، وكنت أتحدث مع أستاذي المشرف على دراستي في أمور طبية مختلفة وتطرقنا في حديثنا إلى الأمراض الوراثية، وكنت أقول له «أنتم في الغرب تتحدثون عن الوراثة وتمنعون زواج الأقارب بسبب الأمراض الوراثية ولكنكم لم تفكروا يوماً ما أن هذه الدراسة مبنية على حقائق قد لا تكون صحيحة فمن يدريك أن أباك هو أبوك لا سيما وأنتم تسمحون بالاباحية وأحياناً بتبادل الزوجات» فما كان منه إلا أن أجابني بقصة (نكتة) اللّبان (بائع اللبن) الذي يدور على البيوت ويوزع اللبن على ربات البيوت وهو «متهم» اجتماعياً بأنه أب لمعظم الأبناء البريطانيين. وإذا علمنا أن مؤسس قوانين الوراثة هو القسيس (مندل) وهو ليس طبيباً ولكنه قسيس وعالم في إحدى الكنائس الأوروبية وأن جميع قوانين الوراثة مبنية على نتائج علمية توصل إليها من تزاوج أنواع مختلفة من الأزهار والنباتات حيث كان يقوم بتلقيح النبات ذي اللون الأصفر بآخر ذي لون أحمر. وهكذا تمت أصول علم الوراثة وامتد ليشمل الحيوان والإنسان، فإن هذا جميعه يدعونا إلى وقفة كبيرة ومراجعة لجميع العلوم التي نتلقاها من بلاد العم سام ونتوخى الدقة في الاقتباس في نقل العلوم فهي ليست قرآناً منزلاً وجميع النظريات البشرية قابلة للتغيير والتعديل. علماً أن الأمراض الوراثية لها ثلاثة أنواع: الأول - أمراض وراثية سائدة وهي منتشرة في بلاد الغرب حيث ينتقل المرض إلى الأبناء حتى ولو لم يكن الزوجان قريبين حيث يكفي أن يكون الأب أو الأم مصابة مثال ذلك عمى الألوان. والنوع الثاني: أمراض وراثية سائدة وهي منتشرة في بلادنا حيث يستلزم انتقال المرض إلى الأبناء أن يكون الأب والأم مصابين أو حاملين للمرض - مثال ذلك أمراض العشى الليلي (التلوين الصبغي لشبكية العين). أما النوع الثالث هو الأمراض الوراثية التي لا تصيب إلا الذكور ولا تصيب البنات أبداً مثال ذلك سيولة الدم الوراثي. واختم مقالي بقول المصطفى المختار (تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس)، وهكذا حرصت الدولة ممثلة في وزارة الصحة في إجراء الكشف المبكر قبل الزواج لتجنب الأمراض الوراثية بإذن الله، علماً أنه لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن نهى عن زواج الأقارب بل كما هو معروف فإن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه تزوج بفاطمة الزهراء ابنة عمه المصطفى صلى الله عليه وسلم، فإذا كان الأقرباء خالين من الأمراض الوراثية فلا مانع من التزاوج بينهم (الوجه الذي تعرفه أحسن من الوجه الذي لا تعرفه). ٭ استشاري طب وجراحة العيون المشرف العام على مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون