سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«مجموعة بلشرف».. الأبناء ورثوا أخلاق العمل أكثر من المال «دكّان صغير» في مكة قبل 70 عاماً وآخر في «سوق السدرة» وسط الرياض قادهم إلى تجارة متعددة الأنشطة
كانت بدايات «مجموعة بلشرف» دكّاناً صغيراً لوالدهم «علي بلشرف» - رحمه الله - منذ ما يزيد على (70) عاماً في مكةالمكرمة، وتحديداً عام 1365ه، ثم محل صغير ب «أسواق السدرة» في «الديرة» وسط الرياض عام 1374ه، حيث كان رأس مالهم هو السمعة الطيبة والصدق في التعامل بينهم وبين التجار. «عبدالله بن علي بلشرف» - نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة بلشرف التجارية والصناعية - تمسك بنصيحة والده: «لا تكن أنانياً في البيع والشراء»، واستطاع وشقيقه «عمر» تأسيس «مؤسسة عمر بلشرف للتجارة» عام 1399ه، وتطوير العمل إلى مرحلة الاستيراد، بل والتعاقد مع الوكالات العالمية، إضافةً إلى الاستثمار الصناعي بتأسيس (12) مصنعاً استثمارياً داخل المملكة، إلى جانب تأسيس خمس مجموعات، هي: مجموعة التوكيلات والتوزيع، مجموعة الاستثمار الصناعي، مجموعة الأسواق، مجموعة النقليات والمحلات التجارية التي يديرها أخوه «عمر بلشرف» باعتباره المؤسس لها، كما بلغ عدد وكالات التوزيع خمس وكالات تغطي (25) مدينة في المملكة، وعدد الأسواق المركزية (17). «الرياض» تستقصي بدايات ونجاحات رجل الأعمال «عبدالله بلشرف». علي بلشرف - رحمه الله - حياة بسيطة عن بداية الطفولة والتعليم قال "عبدالله بلشرف": ولدت في الرياض بحي الديرة، وتلقيت تعليمي الابتدائي في مدينة الرياض بمدارس عمر بن عبدالعزيز الابتدائية، أما المرحلتين المتوسطة والثانوية فكانت في الرياض بمدارس خاصة، ثم أكملت تعليمي الجامعي بجامعة الملك سعود في قسم إدارة الأعمال، ومن ثم التحقت بالعديد من الدورات في مجال دبلوم التسويق والإدارة داخل المملكة وخارجها، مضيفاً أنه كان الوضع الاجتماعي يتصف بالبساطة، والناس متقاربة ومتآلفة كأنهم اسرة واحدة، فالطلاب يعرفون بعضهم بعضاً، وكذلك التجار في "سوق المقيبرة"؛ لأن معظم "الدكاكين" القديمة الخاصة بالمواد الغذائية كانت تتمركز خلف قصر الحكم، مشيراً إلى أنه مازال يتذكر كثيرا من الأصدقاء، خاصةً أطفال الجيران وأصدقاء المدرسة ومعلميها، ولا أستطيع أن أذكر بعض الأسماء وأترك البعض الآخر. عبدالله بلشرف وشقيقاه عمر ومحمد خلال افتتاح أحد المشروعات تعاون وثقة وعن الفرق بين أيام "حي الديرة" وعصرنا الحالي، أوضح "بلشرف" أن هناك فرقا كبيرا وشاسعا بين المرحلتين، وهذه نعمة كبيرة نشكر الله عليها، إذ تحولوا من تجار بدائيين وتقليديين إلى مرحلة متقدمة من حيث التوسع التجاري، وإقامة المجمعات التجارية الكبيرة، مبيناً أنه فيما يتعلق بالناس قديماً فقد غلب عليهم التحاب والتآلف والتعاون والثقة المتبادلة بين التاجر والموزع وكذلك المشتري، بينما الآن نجد الحياة أصبحت مادية بحتة بعيدة كل البعد عن المبادئ والقيم التي تركها لهم آباؤهم وأجدادهم، سائلاً الله العلي القدير أن يحفظ بلادنا وولاة أمرنا وأن يحفظ الأبناء والبنات على القيم التي فيها صلاحهم وبقائهم مميزين عن غيرهم بعدم الإنجراف خلف مغريات الحياة وفقدان هويتهم. عبدالله بلشرف متحدثاً للزميل سلطان العثمان «عدسة - بندر بخش» تأثرت بوالدي وحول أهم الموثرين في حياة "عبدالله بلشرف" الخاصة والعملية، ذكر أنه كان ملازماً لوالده علي بلشرف - رحمه الله - منذ الطفولة سواء في العمل أو في المنزل أو في سفرياته، بل كان يشكّل له ولجميع أخوته مدرسة تعلموا منها الكثير، مضيفاً أنه من الأشياء التي تعلمها من والده الصبر على العمل، وذلك أثناء اصطحابه معه في المحل، وكذلك كيفية التعامل مع الزبائن، ودائماً كان يوصيه وأشقائه بالصدق، وأن يبنوا عليه حياتهم العملية، لأن الصدق مع الناس يحقق النجاح، مُشدداً عليهم أن رأس المال هو الصدق والأمانة. وعن أبرز المواقف الايجابية التي اكتسبها من والده اثناء تعامله مع الموردين الذين كانوا يأتون من خارج الرياض أو من أطرافها ويسكنون معهم في المنزل، أكد أن أحد التجار كان يحضر معه كيساً من النقود ولا يدري كيف يحسبها وكان آنذاك في العاشرة من عمره، وطلب منه والده أن يحسب تلك النقود، ثم أعطى والده التاجر مفتاح المستودع ليحمِّل ما يحتاجه من البضائع، بحكم الثقة التي بينه وبين التجار، وهذه من المواقف المؤثرة لم يستطع أن ينساها من حيث حسن التعامل. تكريم بلشرف خلال مشاركتهم الاجتماعية في فعاليات (خير أمة) لا تكن أنانياً وأشار "بلشرف" إلى أنه في موقف آخر تعلم من والده حينما طلب منه أن يزيد في ربح البضائع التي يبيعها على الزبائن، فأعطاه درساً مازال يتمسك به حيث قال له: "أرض بالربح القليل من أجل الاستمرارية في العمل التجاري، واحرص على التعامل مع المستورد ومع العملاء الذين يشترون من محلاتنا، ولا تكن أنانياً في البيع والشراء"، مبيناً أنه من المواقف المحزنة في حياته هو مرض والده ثم وفاته -رحمه الله. وعن بدايات العمل في المواد الغذائية وأبرز مراحل التطور، ذكر أن البداية كانت دكانا صغيرا لوالده منذ ما يزيد على (70) عاماً في مكةالمكرمة عام 1365ه، مضيفاً أنه في مدينة الرياض كانت بداية والده عام 1374ه، حيث افتتح أول دكان صغير في أسواق "السدرة" وسط الرياض، وكان رأس ماله يتمثل في السمعة الطيبة والصدق في التعامل بينه وبين التجار وهذه المرحلة الأولى، لافتاً إلى أنه كان عمره في ذلك الوقت سبع سنوات، وكان يرتب البضاعة في الدكان ثم انتقل إلى البيع في الأسواق، كما أنه استمر في العمل ساعات الفراغ وفي الاجازات المدرسية، حيث كان يسافر مع والده إلى المعارض التجارية. واجهة إحدى الأسواق المركزية في الرياض استيراد وتوسع وأوضح "بلشرف" أنه في المرحلة الثانية بدأ العمل مع أخيه "عمر" الذي يعمل في نفس النشاط وبحكم سمعة والده ازدهرت تجارته، واستطاع أن يؤسس مؤسسة "عمر بلشرف" للتجارة عام 1399ه، مضيفاً أنه تلك المرحلة كانت بعد أن أنهى المرحلة الجامعية، حيث طلب من والده - رحمه الله - أن يسمح له بالسفر إلى الخارج لأكمال دراسته العليا، لكنه اشترط عليه أن يتزوج أولاً، مبيناً أنه طلب منه أخيه "عمر" العمل معه في المجموعة، حيث شدد عليهما والدهما بعدم الاعتماد عليه، وكان يطلب منهما البدء من الصفر، وأن ننسى أننا أبناء التاجر "بلشرف"، وبالفعل انطلقوا من "سوق عتيقة" في شارع الحجاز في العمل التجاري، مشيراً إلى أنهما بدأا بالتوزيع في المدن الكبرى، ثم جاءت مرحلة أخرى وهي مرحلة الاستيراد والتوسع في الصناعة، وكانت صناعتهما محصورة في "البطاطس" و"التسالي" و"البفك" في مدينة جدة، بعدها جاءت مرحلة الانطلاقة مع الوكالات العالمية في عام 1988م حيث استطاع وشقيقه جلب وكالات أخرى غير تلك الوكالات التي كان يتعامل معها والدهما، مؤكداً أنه بدأ شخصياً في انتاج "كيك أمريكانا" وكان أول من استورده للمملكة. إصرار وعزيمة وذكر "بلشرف" أنهم بدأوا في عملية التصنيع، وتم تأسيس مجموعة بلشرف في الاستثمار الصناعي عام 1995م، وتطورت المجموعة حتى بلغت (12) مصنعاً استثمارياً داخل المملكة، كما انطلقوا في شراكة استراتيجية مع الموردين، واستطاعوا أن يحققوا نجاحاً كبيراً في ذلك، مضيفاً أنهم استطاعوا تأسيس خمس مجموعات وهي؛ مجموعة التوكيلات والتوزيع، مجموعة الاستثمار الصناعي، مجموعة الأسواق، مجموعة النقليات والمحلات التجارية التي يديرها أخيه "عمر" باعتباره هو الذي أسسها وتوسع فيها، موضحاً أنه فيما ما يتعلق بوكالات التوزيع فوصل عددها خمس وكالات تغطي (25) مدينة تقريباً في المملكة، وعدد الأسواق المركزية (17) سوقاً مركزياً جميعها في مدينة الرياض، وعدد المصانع (12) مصنعا. تعلّموا من والدهم حكمة طلب الرزق: «لا تكن أنانياً في البيع والشراء» وعن معوقات العمل، قال: إنها كثيرة ومنها "النظام البيروقراطي" وصعوبة الحصول على بعض الوكالات والتوزيع، وكذلك صعوبات الحصول على الموارد البشرية، مضيفاً أنه ليس هناك عمل إلاّ ويعترضه بعضاً من المعوقات، لكن بالإصرار والعزيمة ومضاعفة الجهد استطاع التغلب عليها. عبدالله بلشرف: أعطاني والدي النقود لأجمعها وأخذ التاجر مفتاح المستودع قبل أن أنتهي.. «الثقة موجودة» بيئة جيدة وعن واقع مجتمعنا من ناحية التعليم والصحة وكذلك العمل والانفتاح والعادات والتقاليد، أكد "بلشرف" أن العلم هو المحور الأساسي لنجاح أي شخص، وبالنظر إلى "واقع التعليم" نجد أن مستواه بدأ يرتفع بشكل ملحوظ، وأصبحت بيئة التعليم أفضل من قبل، كما نلاحظ ازدياد عدد الجامعات وحرص المجتمع على الحصول على المؤهلات العلمية، بل والتوسع في الدرجات العليا، ما رفع عدد الذين يحملون الدرجات العليا مثل "الماجستير" و"الدكتوراه"، مقترحاً تحسين مخرجات التعليم لتواكب التطورات العالمية، والتوجه نحو الانتاج والاستثمار الصناعي بالشكل الذي يخدم المجتمع، لافتاً إلى أن واقع "الخدمات الصحية" في تطور مستمر مقارنةً بالماضي، متمنياً أن تصل إلى مستويات عُليا عالمية، وأن تعمل وزارة الصحة على نشر الوعي الصحي في المجتمع؛ لأن الوقاية خير من العلاج، موضحاً أن "واقع العمل" في مجتمعنا هو بيئة نامية وجيدة، وتحتاج فقط إلى تركيز أكثر فأكثر، حيث مازالت الفرص في القطاع الخاص متاحة أمام الشباب والشابات، مبيناً أن هناك قصصا نجاح كبيرة وسط شباب الأعمال، على الرغم مما يشاع أنهم يتجهون للعمل في القطاع الحكومي. خمس مجموعات تجارية ومثلها وكالات توزيع و(17) سوقاً مركزياً و(12) مصنعاً انفتاح علمي وأشار "بلشرف" أن مجتمعنا جزء من العالم، وبالتالي لابد من الانفتاح على العالم الآخر بالشكل الذي يتوافق مع الدين والعادات والتقاليد، مضيفاً أن الانفتاح ليس عملاً سلبياً دائماً، بل هناك ايجابيات جيدة في الانفتاح العلمي والطبي والصناعي وكذلك التنويع الاقتصادي، مبيناً أنه أصبح العالم الآن كالقرية الواحدة بفضل وسائل الاتصالات والتقنيات الفضائية. وعن التمسك بعادات المجتمع وتقاليده، ذكر أنه مازال هذا الجيل يحافظ عليها، خاصةً في المدن الصغيرة والقرى، أما في المدن الكبيرة فتكاد تُفتقد، مبيناً أن الناس قديماً مع بعضهم بعضا، والحي الواحد يشكل مجتمعاً مترابطاً ومتكاتفاً، يحرصون فيه على التزاور والمشاركة في مناسبات الأعراس والعزاء وتبادل الأطعمة، داعياً الى المحافظة على ما تبقى منها حتى لا نكون مجتمعاً منفصلاً عن واقعه، حاثّاً جهات الاختصاص بالمحافظة على الأحياء القديمة وما فيها من مبان ومدارس عبر إعادة ترميمها، مقترحاً تكثيف الرسائل التوعوية لأننا في عصر الانفتاح. وأكد "بلشرف" أن التحدي الكبير الذي يواجه المجتمع يتمثّل في كيفية المحافظة على عاداتنا وتقاليدنا القائمة على الدين الحنيف، والخوف من الانصهار في التواصل العالمي الذي يمكن أن يؤثر سلباً في ديننا و تقاليدنا. المسؤولية الاجتماعية وحول المسؤولية الاجتماعية والدور المطلوب من الشركات ورجال الأعمال، قال: إن ديننا الحنيف يحث على التكاتف والتكافل والمساهمة في أعمال الخير في شتى مجالات الحياة، مضيفاً أن رجال الأعمال لهم مشاركات كبيرة تجاه المجتمع والقضايا الاجتماعية، مبيناً أن "مجموعة بلشرف" تعمل دورا فعّالا أمام المسؤولية الاجتماعية عن طريق المشاركة في العديد من المجالات الاجتماعية والخيرية، ممثلة في وزارة الشؤون الإسلامية وجمعية البر وجمعيات تحفيظ القرآن الكريم وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر وبعض المؤسسات الخيرية الأخرى، وكذلك المساهمة في مجال التعليم ورعاية العديد من الأنشطة الرياضية مثل سباق الفروسية السنوي وغيرها من الأنشطة. إعادة تنظيم سوق المواد الغذائية أوضح "عبدالله بلشرف" أن أسباب نجاحه في العمل التجاري يعود إلى الاعتماد على الله أولاً، ثم الصبر والمثابرة وبذل الجهد، ومباشرة العمل بشكل دائم، خاصةً في بداياته. وقال:"كنا نشرف بأنفسنا على مراكز البيع وعلى التحميل والمتابعة بمعدل (18) ساعة يومياً"، مضيفاً أنه خلال تجربتهم الطويلة في العمل استطاع من الناحية الشخصية أن يكتسب صداقات وعلاقات جيدة مع عامة الناس ورجال الأعمال، بل وشخصيات كبيرة سبقته في هذا القطاع، حيث تعلم من تجاربهم، لافتاً إلى أنه استطاع أن يكوّن خبرة تجارية سواءً على المستوى المحلي أو العالمي، وأصبح وأشقاؤه يملكون سوقاً كبيراً في الانتاج الصناعي جعلهم يكونون منتجين وموزعين ومنافذ بيع للمواد الغذائية. وأضاف أن قطاع المواد الغذائية قطاع جيد وينمو باستمرار، حيث يُعد أول قطاع استهلاكي في المملكة، ودرجة المنافسة فيه قوية جداً جداً، مقترحاً إعادة تنظيمه خصوصاً فيما يتعلق بالمحلات الصغيرة، مع إعادة هيكلة المراكز الكبيرة، موضحاً أن سوق المملكة ينتقل الآن إلى المرحلة العالمية؛ بسبب دخول مستثمرين عالميين، متمنياً من الجهات المعنية أخذ رأي رجال الأعمال ودراستها واتخاذ قرارات سريعة. وأشار إلى أن ما يعملون به في المجموعة هو الاستثمار في مراكز البيع والاستيراد والتوزيع والتصنيع، وجميعها محصور في المواد الغذائية، أما ما يعملون به من استثمارات عقارية فهي عمل مساند للمنتجات الغذائية. دعم «العمل الحر» للشباب بحكم الخبرة الطويلة التي اكتسبها "عبدالله بلشرف" في العمل التجاري، قدم نصيحة لشباب الأعمال، قائلاً: عليهم أن ينتهزوا الفرص التي تهيئها حكومتنا الرشيدة، والتي قد تكون كبيرة ومختلفة عن تلك الفرص البسيطة التي كانت في بداية عمله. وأضاف:"على كل شاب يريد النجاح أن يعتمد على نفسه منذ البداية، وألا يعتمد على العمالة الأجنبية، وأن يلتزم الصبر والمثابرة، مع الحرص على الصدق وغرس بذور الثقة مع جميع الفئات التي يتعامل معها، وقبل كل شيء لابد من أن يكتسب الخبرة في العمل"، مقترحاً تسهيل اجراءات العمل للشباب، وتقليل اجراءات "البيروقراطية"، إضافةً إلى تحسين بيئة العمل التي تحفز الشباب على الاقبال على العمل في القطاعين العام والخاص، إلى جانب الحرص على فتح مجالات التدريب للشباب والشابات لتأهيلهم، على اعتبار أن المجتمع اقتصادي ولديه امكانات قوية، ناصحاً بالتوجه إلى الاستثمار الصناعي المتوسط أو الثقيل، حيث يوجد مداخيل بديلة غير النفط.