جاءت المجموعة القصصية "بوارق" لعضو مجلس إدارة نادي الباحة الأدبي الثقافي القاص جمعان الكرت، بعد ثلاث مجموعات قصصية صدرت أولاها بعنوان "فضة" أما الثانية فحملت عنوان "عناق" بينما وسم الكرت مجموعته الثالثة ب "سطور سروية". يقول الكرت عن تداعيات "بوارق" وما ضمته من نصوص سردية: المجموعة حوت قصص ومضات، اختزلت فيها جغرافية المكان إلى مؤشرات مكثفة، تستمد المفيد من سمات شعريتها الجمالية والدلالية، من ثراء التقاطبات التي تنبني عليها الأنساق التي يأتي في مقدمتها وأبرزها، المدينة بما يشغل فضاءاتها من فن قيمي، سلوكي، ثقافي؛ والريف بمفهومه قرية وما يمثله في المقابل فضاؤها من أصالة انتماء إلى الأرض والناس وعنوان هوية دالة على الوفاء للعراقة من عادات وتقاليد وأعراف وضوابط بيئة وأخلاق. وعلى مستوى النسق (الداخلي/ المحلي) والآخر (الخارجي/ العربي) يؤكد الكرت بأن نصوص "بوارق" استثمرت الحدث في بلاد الربيع العربي، والانغلاق، البيوت - المكاتب - الغرف - والانفتاح، الشوارع، الارتفاع، الجبل والانخفاض الهاوية واليابسة والماء: البحر - النيل الهطل، التي يتوجها عبر استثمارات فضاءات السرد المكثفة بما حوته من التقاطات تقاطب الكون، الأرض والسماء. أما عن تداعيات القراءات النقدية ل "بوارق" يقول الكرت: عدة دراسات قرأت جوانب مختلفة من فضاءات المجموعة التي جاء منها دراسة للدكتور بشوشة جمعة، الذي وصف المجموعة بما نصه: بوارق نموذج دال على تجربة هذا النوع المستحدث من الكتابة القصصية، مما يشكل انعطافة نوعية في مسيرة الكرت الأدبية، مما يدل على وعيه بكتابة القصة، إذ أن جوهر الإبداع سؤال متجدد لديه، وكأن مدار التجديد تجريب مغامر باحث عن المغايرة للسائد، وأن بلاغة القص في إيجاز الكلم وتكثيف دلالته، وكأن حداثة النص تجاوز واختلاف.. اختراق وإضافة خلخلة وبناء، حالة كتابة قلقة تمارس على رمال متحركة، كثافة إنشاء أولى علاماتها الدالة عتبات عناوين نصية، التي وردت في صيغ مفردة، مختصرة، متمنعة دلاليا على متلقيها بفعل ما يكتنفها من غموض. وفي كثافة ظلال النص الإيحائية التي سعى الكرت إلى استثمارها على عدة مستويات، يضيف د. جمعة هذا الجانب قائلا: تمثلّ لي في هذا الجانب – مثلا- الفاتحة لكي تمثل المتون الحكائية للقصص، الومضات وأخبارها، كما هو في توظيف المفردات: تضاؤل، تماثل، سقوط، احتراق، فراغ، وجع، تماس، جيم، فقدان، لهاث، تشظي، حذر، نافذة.. وهذا يعد من فتنة السرد التي تمارسها الذات الكاتبة من خلال ذات ساردة تبدو قناعا شفيفا دالا، لإغواء المتلقي حتى يقبل على ممارسة لذة القراءة لنصوص قصصية أكثر لأن تكون ومضات، وبيان عبر أفانين كلم، تقوم على التلميح دون التصريح، وعلى الإيحاء دون الإعلان، مما وسمها الغموض الشفيف الذي لا يدرك تخوم التعتيم، إلا في نماذج نصية قليلة، مثل: تقبيل، تجربة أجزاء، توازن.. حيث تتداخل التخوم بين الواقع والتخيل فتغيم الرؤية ويعسر التأويل بعد التباس معالم الأفق.