ساهمت المهرجانات السياحية في إنعاش الحركة الاقتصادية ووجد الناس فيها مجالاً واسعاً للربح والكسب الشريف كما أنها ساهمت في إيجاد فرص وظيفية للباحثين عن عمل من الجنسين. ووجدت المرأة على وجه الخصوص في أماكن الترفيه والمتنزهات ومدن الألعاب النسائية متنفساً لها لمزاولة التجارة وذلك من خلال المحلات المتوفرة فيها والتي أنشئت بغرض تأجيرها والاستفادة منها وتمارس المرأة في تلك المحلات النشاط التجاري الذي تختاره فإما أن تتخصص ببيع نوع معين من البضاعة أو أنها تجعل محلها أشبه بمركز صغير يحمل بضائع شتى حيث نجد الملابس والعطورات والأحذية والشنط. في هذا التحقيق ألقينا الضوء على مجموعة من النساء اللائي يمارسن التجارة في تلك المتنزهات كما التقينا ببعض العاملات فيها براتب شهري لنتعرف على نوعية النشاط التجاري المتخصصات فيه وكيف وجدن العمل بالتجارة وما هي العوائق التي تواجههن في عملهن. في البداية تقول منيرة المعيوف التي تمتلك محلاً لبيع الملابس وألعاب الأطفال في مدينة الجوهرة الترفيهية بأن العمل التجاري ممتع ولكنه متعب وتعتريه صعوبات كثيرة ويحتاج إلى صبر ونفس طويل كي تجني ثماره كما أنه يحتاج إلى إجادة فن التعامل مع الآخرين فالأسلوب اللين وبشاشة الوجه مع الزبائن تجعلهم رواداً لمحلك. وتضيف: الصيف فرصتنا الوحيدة لترويج بضاعتنا وتحسين أوضاعنا المادية ونحاول جاهدين فيه أن نجدد وننوع في بضاعتنا كي نرضي ذائقة الزبائن ونخرج من الإجازة بربح مادي معقول نستطيع من خلاله أن نسدد إيجار المحل ونستفيد بالجزء البسيط المتبقي منه في شراء بضاعة جديدة نستفيد ببيعها في عطلة نهاية الأسبوع. وعن سبب دخولها لمجال التجارة تقول منيرة بأنها أرملة لا تحمل مؤهلاً علمياً يؤهلها للحصول على وظيفة حكومية أو أهلية إضافة إلى أنها لا تملك دخلاً مادياِ ثابتاً وتعول أسرة كبيرة. وعن الصعوبات التي تواجهها في هذا المجال تقول: غلاء أجور المحلات أكثر ما نعني منه أنا وزميلاتي فأصحاب المحلات يطلبون فيها أسعاراً مرتفعة فقيمة الإيجار تتراوح ما بين (5000 إلى6000) ريال وهذا فيه ظلم وإجحاف لنا حيث أن هذه المحلات لا تنشط سوى في الإجازة والدخل المادي الذي يعود علينا منها محدود جداً ومتفاوت على مدى الأيام. وتجد سمر فتحي متعة كبيرة وهي تعمل في محلها الخاص بتغليف الهداياً حيث أنها تمارس فيه هوايتها المحببة إليها وتستفيد منه مادياً فهي تقوم كذلك إلى جانب تغليف الهدايا بالكتابة على الدروع وتنسيق الزهور وعمل كوش الأفراح وديكورات المعارض الفنية. وتحظى الهدايا التي تقوم بتغليفها بإعجاب الزبائن حيث أن الكثير منهم يندهشون للدقة وللطريقة المبتكرة التي تتبعها في تغليف الهدايا كما تجد المبيعات الموجودة لديها إقبالاً كبيراً من الزبائن الذين يقصدون محلها.. وتذكر حصة السمنان بأنها عندما تخرجت من الكلية ولم تجد وظيفة قررت أن تسلك طريق التجارة فهي بحاجة ماسة إلى المال وزوجها لا يعمل بسبب مرضه الذي اجبره على التقاعد المبكر. وتضيف حصة: حقيقة لم تكن البداية في هذا المشوار سهلة فهناك الكثير من العقبات التي واجهتني فأنا لا أملك رأس المال اشتري به البضاعة أو أسدد ايجار المحل الذي انوي شراءه كما أنني لا أعلم هل ستجد البضاعة التي أنوي شراءها رواجاً بين الناس أم لا ولكن استطعت بفضل الله أن أتجاوز تلك العقبات بمساعدة أهل الخير وأمضيت في هذا المجال 11 عاماً أبيع في الملابس النسائية وألعاب الأطفال والاكسسوارات لكن في الآونة الأخيرة استأجرت محلا آخر في منتزه ثان تعرضت فيه لخسارة كبيرة والسبب يعود لفرض إدارة تلك المنتزه بأن يتخصص كل محل بنوع معين من التجارة وفرضت على تجارة العطورات وأدوات التجميل وأنا لا أفقه فيها كثيراً وآمل من أصحاب المنتزهات والمدن الترفيهية أن يبتعدوا عن مسألة التخصيص في نشاط المحلات لديهم لأنها أضرت بالكثيرات وحرمت أخريات من فرصة الاستفادة من تلك المحلات فهناك أنواع معينة فقط من البضائع التي تقبل عليها المتنزهات كالملابس والأواني كما أن تنوع البضاعة يتيح لنا مزيداً من الربح وأطالب كذلك أصحاب المتنزهات بأن يتقوا الله في الأسعار التي يؤجرون بها محلاته فهي غير معقولة وفوق طاقتنا كما أن غياب الإدارة الحاسمة في المنتزهات التي نلجأ إليها عند الحاجة أضرت بنا كثيراً حيث أننا لا نجد من يسمع لشكوانا أو يسمع لمقترحاتنا كما أننا لا نجد من يفض النزاعات التي تنشب بين البائعات بسبب الحقد والغيرة. وتقول سلوى أحمد القديمي التي تعمل براتب شهري في محل اكسسوارات نسائية واكسسوارات جوال منذ ثلاث سنوات بأن الراتب الذي تتقاضاه من صاحب المحل غير كاف فهو زهيد جداً ولا يفي بمتطلباتها حيث أن معظمه يذهب على المواصلات وعلى أطفالها الذين تصطحبهم معها كل يوم لكنها مضطرة بقبوله حيث أنها بحاجة له كما أنها بحاجة إلى أي عمل تشغل به وقت فراغها حيث أنها تعيش بعيداً عن أسرتها وتجد في هذا العمل فرصة للخروج والاحتكاك بالآخرين. وتضيف بأن هناك مشكلة تعاني منها هي ومثيلاتها ممن يعملن في تلك المحلات وهي طول فترة الدوام التي تؤدي إلى السهر والإرهاق فهن مطالبات بالبقاء في محلاتهن ما دام المنتزه يعج بالمتنزهات، وهذا بدوره ينعكس سلباً على عطائهن في اليوم التالي، وتأمل من أصحاب المحلات أن ينظروا إليها هي وزميلاتها بعين الرأفة والرحمة ولا يستغلوا حاجتهن للعمل بالضغط عليهن وتكليفهن فوق طاقتهن. بنت نجد كما أحبت أن تسمي نفسها تعمل براتب شهري هي الأخرى في محل تموينات بمدينة الجوهرة الترفيهية وهي بالرغم من أنها لا تملك المحل إلا أنها تعتبر المحل محلها فصاحب المحل أعطاها مطلق الحرية في إدارته وتدبير شؤونه فهي من تجلب البضاعة وهي من تحدد الأسعار كما أن صاحب المحل جعلها تحدد الراتب الذي تراه مناسباً لها فهو رجل كريم طيب القلب والعمل معه مريح جداً كما تقول. وأخيراً وبعد هذه الجولة مع البائعات في المتنزهات أو العاملات فيها نجد بأنه على الرغم من أن أماكن الترفيه وفرت فرص الكسب الحلال سواء من خلال الوظائف التي تتيحها للعاملات فيها أو من خلال الأعمال التجارية البسيطة التي تزاول فيها إلا أنها تأخذ من وقت العاملات فيها أكثر مما تعطيهم بل أن الجهود الكبيرة التي يبذلنها في أعمالهن تلك لا تتوازى مع ما يقدم لهن من دعم مادي كما أن الأسعار التي تؤجر بها المحلات في المنتزهات مرتفعة وغير معقولة خاصة أن الربح في تلك المحلات مرهون بالإجازة الصيفية وباقي أيام السنة لا تستفيد صاحبة المحل من محلها إلا في عطلة نهاية الأسبوع. إذاً أوضاع العاملين في المنتزهات والمستفيدين من المحلات المؤجرة فيها بحاجة إلى دراسة وتخطيط تخرج منها بآلية تضمن حقوق الطرفين أصحاب المتنزهات والعاملين فيها دون أن تلحق الضرر بأي منهما.