بإعلان الفائزين بجوائز الغولدن غلوب فجر أمس الاثنين يكون موسم حصاد السينما الأمريكية لعام 2012 قد شارف على الانتهاء ولم يبق منه سوى الإعلان عن الجائزة الأهم "الأوسكار" في العرس السينمائي الكبير الذي سيقام في 25 من فبراير المقبل والذي سيكون ختامَ موسمٍ ناجحٍ للسينما الأمريكية ظهرت فيه أفلام رائعة ومتنوعة في أفكارها وأجوائها وأساليبها وبشكل لم يحدث منذ العام 2007, وعلى الأقل لن ترى من بين الفائزين في 2012 ممثلة مثل ساندرا بولوك ممسكة بجائزة عن أدائها المتواضع في فيلم متواضع اسمه The Blind Side, هذا حدث في عام 2009 وتكرر كثيراً خلال الخمسة أعوام الماضية حيث فازت أفلام ضعيفة وممثلون أضعف بسبب الضعف العام الذي اعترى هوليود خلال تلك الفترة, فيما جاء العام 2012 ليصحح المسار ويعيد التألق للسينما الأمريكية. قبل الحديث عن جوائز الغولدن غلوب لابد من الإشارة إلى حالة الرضا العام بين جمهور السينما على النتائج التي أعلنت أمس, فمهما كان الفائز فهو يستحق جائزته, ولا وجود ل"مظلومين", خاصة في الجائزة الأهم, جائزة الغولدن غلوب لأفضل فيلم دراما والتي فاز بها فيلم (آرغو-Argo) للمخرج الممثل بين آفليك الذي فاز أيضاً بجائزة أفضل مخرج نظير ما قدمه من براعة فنية لا يمكن تجاهلها, حيث انتقل من مجرد التوثيق لحدث تاريخي مهم هو تهريب ستة أمريكيين من إيران خلال أزمة الرهائن الشهيرة, إلى صنع دراما مثيرة محكمة الإتقان, جعلت كل من شاهد الفيلم مشدوداً ومتحفزاً وكأنما يرى الحدث لأول مرة رغم أنه من الأحداث السياسية المشهورة والمعروفة نهايتها سلفاً, بخلاف فيلم Zero Dark Thirty الذي رشح أيضاً لذات الجائزة والذي اكتفت مخرجته كاثرين يبغلو بسرد آلي صارم لتفاصيل عملية اغتيال أسامة بن لادن ودون مشاعر سوى دمعة ذرفتها بطلة الفيلم في أحد المشاهد المؤثرة. المخرج النمساوي مايكل هانيكه يلوي أعناق الأمريكيين في فرع الكوميديا والموسيقى فاز فيلم "البؤساء" للمخرج توم هوبر الذي رسم صورة سينمائية جديدة لرائعة الأديب الفرنسي فيكتور هوغو التي تحمل نفس الاسم, وقد لعب دوري البطولة هيو جاكمان وآنا هاثواي اللذان فازا أمس بجائزتين هما جائزة أفضل ممثل في فيلم كوميدي/موسيقي وجائزة أفضل ممثلة مساعدة. ورغم أن الفيلم يستحق الفوز, ويعد أفضل من جسد رواية "البؤساء", إلا أن منافسه على ذات الجائزة فيلم Silver Linings Playbook يستحق التقدير أيضاً ويستحق الإشارة له كواحد من أفضل الأفلام التي ظهرت في العام 2012. من بين الجوائز المهمة في الغولدن غلوب جائزة أفضل ممثل درامي وقد حفلت هذا العام بمتنافسين مميزين هم: داني دي لويس عن فيلم "لينكولن", وريتشارد غير عن فيلم "آربيتراج", وجون هاوكس عن فيلم The Sessions, وخواكين فونيكس عن فيلم "السيد", ودينزل واشنطن عن فيلم Flight. وبالطبع ذهبت الجائزة كما كان متوقعاً للممثل المبدع داني دي لويس الذي قدم أداء ممتازاً في "لينكولن" قد يكون أكبر وأفضل حتى من الفيلم نفسه!. أما ريتشارد غير فقد أعاد اكتشاف ذاته في فيلم "آربيتراج" بعد سنوات من الضياع مع أفلام ضعيفة, مقدماً هنا دوراً نفسياً بامتياز عن رجل الأعمال الذي يحاول إنقاذ حياته من الانهيار. وقد حضر "غير" الحفل أمس بمعية المنتج السعودي محمد التركي أحد المساهمين في إنتاج الفيلم. أما جائزة أفضل ممثلة دراما فقد ذهبت للممثلة جيسيكا تشاستين عن دورها في فيلم Zero Dark Thirty, وباستثناء "دمعتها" المؤثرة في الفيلم, فإن الغالبية رحبوا بفوزها ليس لما قدمته في هذا الفيلم بالذات بل لحضورها المتألق في العامين الماضيين حيث ظهرت في أفلام فنية مهمة مثل فيلم "شجرة الحياة" للمخرج تيرينس ماليك وفيلم Take Shelter للمخرج جيف نيكولز وفيلم "وايلد سالومي" للمخرج آل باتشينو, وقد ذكرت في كلمتها أمس بأنها ممتنة لهذا الفوز لأنه تتويج للجهد الكبير الذي بذلته في الفترة الماضية. في فئة أفضل ممثل مساعد فاز الممثل كريستوفر وولتز بالجائزة, وهو تحديداً من بين كل المرشحين في كل الجوائز, الأكثر استحقاقاً لأن أداءه في فيلم "جانغو بلا قيود" كان ساحراً وجذاباً بشكل لا يمكن أن يصمد أمامه أي منافس آخر, بشخصية الدكتور الألماني صائد الجوائز الأنيق المهووس الذي ألهم الأسمر "جانغو" وحرضه على الانتقام من الرجل الأبيض الذي يمتلك زوجته. بين آفليك يتألق إخراجياً.. والجاذبية سر تفوق كريستوفر وولتز وجينيفر لورنس وبذات القدر من الجاذبية كانت الممثلة جينيفر لورنس في فيلم Silver Linings Playbook والذي فازت عنه بجائزة أفضل ممثلة في فيلم كوميدي/موسيقي نظير أدائها اللافت لشخصية فتاة غريبة الأطوار تحاول الارتباط بشاب لا يقل عنها غرابة و"جنوناً" أدى دوره برادلي كوبر. اللحظة الأهم في حفل الغولدن غلوب أمس تمثلت في إطلالة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون حيث ظهر على المنصة ليقدم فيلم "لينكولن" الذي يروي الكفاح التاريخي للرئيس الأمريكي أبراهم لينكولن ضد العبودية, وهو الكفاح الذي "أنتج أمريكا كما هو نعرفها اليوم" بحسب ما قاله كلينتون في كلمته أمس. في فئة الأفلام الأجنبية ذهبت الجائزة لفيلم "آمور" للمخرج النمساوي مايكل هانيكه الذي يمكن اعتباره, ليس فقط أفضل فيلم "أجنبي" بحسب المعيار الهوليودي, بل أفضل فيلم ظهر في 2012 على الإطلاق, ولذلك كان أحد المرشحين الرئيسيين لأوسكار أفضل فيلم جنباً إلى جنب مع الأفلام الأمريكية, فما قدمه المخرج الكبير هانيكه في فيلمه هذا من معنى إنساني مؤثر ولغة سينمائية وقدرة عالية على التعبير لم يترك مجالاً لتفضيل فيلم آخر عليه, رغم أن الجوائز الأمريكية اعتادت عدم تفضيل الأفلام السوداوية المتشائمة مثل "آمور", ورغم وجود أفلام رائعة في ذات الفئة مرشحة لذات الجائزة, وهي؛ الفيلم الفرنسي الإنساني Intouchables عن علاقة صداقة تنشأ بين ارستقراطي أبيض مشلول وشاب أسمر فقير, الفيلم النرويجي المُلهم Kon-Tiki, والفيلم الدنماركي A Royal Affair, والفيلم الفرنسي Rust and Bone. أما جائزة أفضل فيلم رسومي فقد ذهبت كما هو متوقع لفيلم Brave الذي أكد من خلاله أستوديو بيكسار سيطرته على جوائز هذه الفئة. أما في مجال التلفزيون فقد فرض مسلسل Homeland حضوره بعد فوزه بالجوائز الثلاث الرئيسية؛ جائزة أفضل مسلسل درامي, وجائزتا أفضل ممثل وأفضل ممثلة, فيما فاز الفيلم التلفزيوني Game Change بجائزة أفضل مسلسل قصير وفازت بطلته جوليان مور بجائزة أفضل ممثلة, أما جائزة أفضل ممثل في ذات الفئة فقد فاز بها كيفن كوستنر عن المسلسل التلفزيوني ذي الثلاث حلقات Hatfields & McCoys. كما شهد الحفل تكريم النجمة جودي فوستر عن مجمل حياتها الفنية. جائزة أفضل ممثلة دراما لجيسيكا تشاستين آنا هاثاوي أفضل ممثلة مساعدة في «البؤساء» بين آفليك أفضل مخرج مايكل هانيكه حاملاً جائزة أفضل فيلم أجنبي جينيفر لورنس في فيلم Silver Linings Playbook كريستوفر وولتز في فيلم Django Unchained