دأبت المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله على مد يد العون لكل محتاج والإسراع بإغاثة كل منكوب فتعددت عطاءاتها الطبية ودعمها للأعمال الإنسانية وامتدت إلى جميع أرجاء المعمورة. لتساعد طفلاً تشرد أهله أو امرأة فقدت عائلها أو أسرة فقدت منزلها، وتمسح بيد حانية دموع المنكوبين متى استطاعت لذلك سبيلا. وما أن سكن إعصار تسونامي الشهير مخلفاً وراءه اعداداً كبيرة من الضحايا حيث بلغ إجمالي ضحايا هذه الكارثة أكثر من 270 الف قتيل وعشرات الآلاف من المشردين والجوعى وحسب توقعات الاممالمتحدة، فان إعادة الاعمار في المنطقة ستستغرق خمسة اعوام وقد تصل تكلفتها الى مايقارب التسعة مليارات دولار امريكي، وفي منطقة باندا اتشيه الاندونيسية التي منيت بالجزء الاكبر من الكارثة ومازال الملايين من السكان مشردين بلا مأوى في انتظار ثمار إعادة الإعمار. إلا ان المملكة كانت سباقة كعادتها في مد يد العون والمساعدة، للتخفيف من حدة الكارثة من خلال الحملة الخيرية السعودية لمساعدة المنكوبين في إقيلم اتشيه والمناطق المتظررة بأندونيسيا، ومن خلال تقديم الدعم المالي المباشر أو المساعدات الاغاثية والطبية والغذائية ولم يقتصر الدعم فقط على المساعدات المالية او الإعمار، وهذه المساعدات تركت أعظم الأثر لدى الشعب الاندونيسي بأسره وسكان اقليم أتشيه على وجه الخصوص، وتأتي تلك المساعدات في سياق استراتيجية الحملة التي تستهدف تقديم كافة أشكال المساعدة للمتضررين بدءاً من المساعدات الإغاثية العاجلة والرعاية الصحية وتنفيذ المشروعات التنموية التي تمكنهم من العودة إلى حياتهم الاعتيادية. وهذه المساعدات تأتي استكمالاً للدور الإنساني الذي تضطلع به المملكة العربية السعودية حكومة وشعباً تجاه المتضررين والمنكوبين في أنحاء المعمورة. وفي هذا التحقيق الميداني الذي قامت به (الرياض) اثناء الجولة في إقليم أتشيه نتعرف على ماهية هذه المساعدات، ودورها في تخفيف معاناه سكان الإقليم أتشيه الإقليم المنكوب «أو مدينة الموتى» ربما لم يكن احد يسمع عن إقليم أتشيه الاندونيسي قبل هذا الإعصار المدمر تسونامي «الذي جعل من هذا الإقليم حديث العالم، ويقع الإقليم شمال جزيرة سومطرة ويقطنه أربعة ملايين ونصف المليون من المواطنين معظمهم من المسلمين، ويشتهر هذا الإقليم بين الاندونيسيين باسم «بوابة مكة» حيث ينطلق منه الحجاج والمعتمرون القادمون الى بيت الله الحرام كل عام في السابق. ولشدة درجة تضرر الإقليم من إعصار تسونامي أطلقت وسائل الإعلام على عاصمته «باندا أتشيه» وصف «مدينة الموتى» من شدة الدمار الذي لحق بها.. فمظاهر الخراب والدمار الذي شاهدناه اثناء الجولة تجعلها بحق توصف بهذا الوصف فقد عمت أرجاء المدينة رائحة الموت التي تغلف المكان كما تخلف مئات اليتامى والأرامل والعاطلين عن العمل، والمرضى والمصابين الذين يتطلعون للعلاج بعد أن دمرت منازلهم بالكامل فأصبحوا يعيشون في العراء والبعض منهم في الخيام، وعلى الرغم من ذلك الدمار الكبير الذي أصاب الإقليم بقيت المساجد صامدة في وجه الموجات العاتية. طلائع الانقاذ بدأ الدعم السعودي للإقليم بجمعية الهلال الأحمر السعودي التي قامت بجهود جبارة لإيصال المساعدات والمواد الاغاثية للمتضررين عبر جسر إغاثي بحري بوصول ثلاث دفعات الى ميناء بلوان تضم 29 حاوية تزن أكثر من 560,300 طن من المواد الاغاثية وامتد الدعم لتأهيل مجموعة من المؤسسات الصحية في عاصمة الاقليم وتأمين عدد من العيادات المتنقلة وتوفير المأوى العاجل للمتضررين من دمار الإعصار الذي لحق بمنازلهم، وتقديم الدعم النفسي والوظيفي للمتضررين. ويؤكد الدكتور ساعد العرابي الحارثي مستشار سمو وزير الداخلية رئيس الحملة الخيرية السعودية لإغاثة منكوبي الزلزال والمد البحري بشرق آسيا ان المساعدات التي قدمتها الحملة الخيرية السعودية تنوعت في المساعدة حيث مثلت أهم وابرز المساعدات التي قدمتها الحملة الخيرية السعودية في المساعدات العينية التي تم تسليمها إلى الهلال الأحمر السعودي وكانت على شكل مساعدات إغاثية مثل الملابس والغذاء والخيام والأغطية وغيرها وتقدر قيمتها النقدية بحوالي (62,336,092) اثنين وستين مليوناً وثلاث مئة وستة وثلاثين ألفاً واثنين وتسعين ريالاً. كما بلغ حجم المساعدات النقدية المقدمة للشعب الإندونيسي منذ حدوث الزلزال مبلغاً وقدره (59,841,787,50) تسعة وخمسون مليوناً وثمان مئة وواحد وأربعون ألفا وسبع مئة وسبعة وثمانون ريالاً وخمسون هللة. وكشف الدكتور الحارثي عن مشاريع كبيرة سوف تنفذها الحملة في المناطق المتضررة باندونيسيا مثل بناء المساكن 5,000 مسكن وكفالة ورعاية الأيتام 2,000 يتيم وشراء القوارب للصيادين 1,000 قارب لتشغيل العاطلين وترميم المباني المتضررة مثل المساجد والمدارس والمستشفيات وكذلك حفر آبار وتحلية مياه الشرب وسوف يتم البدء في تنفيذ هذه المشاريع قريباً إن شاء الله. مضيفا الى ان حجم المساعدات المرصودة والمعتمدة لهذه المشاريع تبلغ حوالي (232,250,000) مئتين واثنين وثلاثين مليوناً ومائتين وخمسين ألف ريال في باندا أتشيه باندونيسيا فقط. فضلاً عن تأمين 20 سيارة إسعاف وإعادة تأهيل المراكز الصحية ولضمان وصول هذه المساعدات وتنفيذ هذه المشروعات تم فتح المكتب الاقليمي للهلال الأحمر في كل من جاكرتا واقليم اتشيه، وقال ان الحملة بالرياض تعاقدت مع الشركة الألمانية للمشاريع الإنشائية (GTY) وذلك لدراسة ومسح المناطق المتضررة بشرق آسيا لعمل تصور شامل وكامل عن ما تحتاجه هذه الدول من البنية التحتية في مجال الاعمار والإنشاء مثل (الطرق والجسور والمساجد والمستشفيات والمساكن ودور الرعاية الاجتماعية). واشار د. الحارثي، ان جميع الجهات والهيئات في الدول المنكوبة، اثنت على سرعة تفاعل المملكة ومبادرتها العاجلة للمشاركة في تخفيف معاناة المناطق المنكوبة في اقليم اتشيه وغيره من المناطق بالتعاون مع المؤسسات الاغاثية والانسانية الدولية، ووفرت كل مامن شأنه تسهيل المهمة الانسانية للهلال الأحمر السعودي هناك.. هذا فضلاً عن المشاعر الطيبة التي ابداها ابناء الشعب الاندونيسي واقليم اتشيه على وجه الخصوص تجاه هذه الجهود باعتباره امتدادا طبيعيا لجهود المملكة في مجال العمل الانساني.. شمولية المساعدات من جانبه أكد مدير مكتب الهلال الأحمر السعودي باندونيسيا عبدالله العامر، ان المساعدات السعودية لضحايا تسونامي اتصفت بالشمولية وتوافر الاليات والوسائل التي تحقق اهدافها الانسانية، بدءا من عامل السرعة بعد وقوع الكارثة مروراً بالتنوع ما بين المساعدات الاغاثية العاجلة من طعام واغطية وخيام وادوية، وصولاً للسعي لتجاوز أثار الكارثة ودعم المتضررين ممن فقدوا اعمالهم من الصيادين وغيرهم، وبناء المساكن لايواء المشردين منهم، وتأهيل المراكز والمستشفيات وغيرها.. ويشير العامر إلى ان الشعب الاندونيسي، استقبل قوافل الاغاثة والدعم السعودي بكثير من السعادة، وتسابق الكثير من مواطني اقليم اتشيه إلى مساعدة العاملين بمكتب الهلال الأحمر هناك في اداء عملهم الانساني، هذا اضافة إلى التعاون الكبير من قبل الصليب الأحمر الاندونيسي.