قدمت الكرة السعودية في دورة كأس الخليج العربي الثانية التي دارت رحى منافساتها في الرياض عام 1392ه موهبة كروية بارعة وهدافاً جديداً لا يتعدى ال 17 من عمره هز شباك الخصوم منذ خطوته الأولى حين دشن أول أهداف (الصقور الخضر) في تلك الدورة بمرمى الكويت - حامل اللقب - في اليوم الافتتاحي. وفي المباراة التالية سجل أسرع هدف في تاريخ دورات الخليج لا يزال زمنه القياسي صامداً حتى اليوم برغم مرور 42 عاماً على تسجيله بعد مضي (17) ثانية فقط في مرمى منتخب الإمارات. ذلكم النجم المثير للاعجاب كان محمد المغنم الملقب ب (الصاروخ) نجم الشباب السابق الذي امتاز بمهاراته الفردية العالية وعشقه للمراوغة في أضيق المساحات واجادته التسجيل من كل الزوايا وصناعة الأهداف لزملائه. تجاهلوا تكريمي.. وتسجيلي أسرع هدف.. الذكرى الوحيدة لاسمي بعد وفاتي استضفناه اليوم ليحدثنا عن مشوار ذكرياته في دورات الخليج العربي باعتباره أول لاعب سعودي يسجل في ثلاث دورات خليجية متتالية حيث سجل هدفين في الدورة الثانية 92ه وثلاثة أهداف في الدورة الثالثة بالكويت 94ه وثلاثة أهداف في الدورة الرابعة بقطر 96ه ثمانية أهداف خليجية ارتبطت باسم الصاروخ وبقي أشهرها الهدف الأسرع لكن المرمى الإماراتي لم ينجُ من أهداف الصاروخ في تلك الدورات الثلاث التي خاضها المغنم. محمد المغنم (الصاروخ): المنتخب عسكر 3 أشهر في بيت الأمير عبدالله الفيصل بجدة وقع اختيار مدرب المنتخب السعودي في دورة الخليج الثانية بالرياض عام 1392ه المصري طه اسماعيل (الشيخ طه) عليّ بعدما تابعني من خلال منتخب الوسطى الذي اخترت لتمثيله في بطولة المناطق بالطائف أواخر الثمانينات الهجرية وكان مدربه آنذاك السوداني حسن خيري (رحمه الله) ولعبت مع النجوم الكبار أحمد الدنيني ونادر العيد وسلطان مناحي ومبارك الناصر وغيرهم، وقبلها كنت لاعباً في صفوف النجمة بالرياض قبل دمجها مع الشباب أواخر 1388ه وكنت أمثل الفريق بدرجاته الثلاث رغم صغر سني إذ لم أتجاوز ال 16 وأتذكر أول مباراة لي مع الفريق الأول ضد فريق النصر بنجومه الكبار وكسبنا النصر بهدف أحرزته فكان أول هدف لي على مستوى الفريق الأول بملعب الصايغ وكان مدربنا الذي اكتشف موهبني الكروية السوداني الراحل بخيت ياسين وكان نعم المدرب والمربي التربوي الفاضل (رحمه الله) ثم كسبنا الهلال بهدف أحرزه النجم السابق فهد بن بريك وتأهلنا لملاقاة بطول الشرقية نسور سيهات واستطعنا تحقيق الفوز في نصف نهائي كأس الملك لعام 1390ه وخسرنا النهائي بشرف بهدف أمام الأهلي في افتتاح ستاد الملز (الأمير فيصل حالياً) وتشرفنا بالسلام على راعي المباراة الملك فيصل «طيب الله ثراه». الصاروخ (الأول من اليمين) مع أحمد الصغير (رحمه الله) وخالد التركي ومحمد سعد وإبراهيم تحسين وسلطان بن نصيب في مباراة المنتخب العسكري في بغداد 1395ه عسكرنا في بيت عبدالله الفيصل استعدادنا لدورة الخليج الثانية الذي أشرف عليه الأمير عبدالله الفيصل رحمه الله بدأ مع المدرب الشيخ طه ومساعده المدرب عادل جزار (رحمه الله) بمعسكر في جدة لمدة ثلاثة أشهر في بيت رائد الرياضة الأول وخضنا عدة مباريات ودية ضد فرق خارجية أذكر منها الأهلي المصري. عبدالرزاق وعيد شجعاني وأتذكر الدعم المعنوي الكبير الذي وجدته من كابتن المنتخب عبدالرزاق أبوداود وحارسنا الخلوق أحمد عيد شجعاني ووجهاني فلم أشعر يصغر سني وسط هؤلاء النجوم الكبار الذين كانوا متجانسين ويد واحدة تحت مظلة رائد الرياضة الأمير عبدالله الفيصل الذي كان يعتبرنا بمثابة أولاده ولم يكن هناك اشكالات أو تنافر بين اللاعبين كنا متفاهمين نلعب باخلاص وتفان ومتعاونون فيما بيننا إلى أقصى درجة. الصاروخ في ال 17 من عمره بشعار المنتخب عام 1392ه هجومنا كاسح اعتبر نفسي محظوظاً في بدايتي الدولية حين وجدت الفرصة كلاعب أساسي بجانب سعيد غراب والنور موسى وساعد رزق.. وشكلنا هجوماً كاسحاً يتسلح بالمهارة والموهبة. رأس النور لا يخطئ وكان النور (رحمه الله) يعجبني بقوته وصلابته في الملعب.. يلعب بأسلوب رجولي وامتاز بقدرته على استثمار الكرات العالية التي كان يصطادها برأسه ويترجمها إلى أهداف مثل هدفه في مرمى الكويت الذي عدل به النتيجة (2/2) وقبلها كان قد أجرى عملية غضروف ولكنه لعب الدورة وتألق كدليل على قوة تحمله واخلاصه للمنتخب (رحمه الله). أفتخر أنني أول لاعب سعودي يسجل في (3) دورات خليجية متتالية (8) أهداف الغراب مهاجم غريب سعيد غراب هو الآخر كان مهاجماً وهدافاً موهوباً شكلت معه ثنائياً متفاهماً في الهجوم ومن مميزاته أنك لا تعلم ماذا سيفعل والكرة في قدمه هل يمرر أم يسدد مباشرة على الطاير دون أن يتوقف.. كان ثعلب هجوم مروغاً من الطراز الأول.. وأسطورة هجومية بحق. ساعد رزق لن يتكرر ساعد رزق (رحمه الله) لعب الدورة وهو يعاني من مرض كان يفقده التركيز في بعض المباريات، وكما قال عميد المعلقين محمد رمضان: لو كان ساعد رزق في فورمته لكانت نتائجنا أفضل إذ كان جناحاً خطيراً لا يشق له غبار ولا يوجد جناح يماثله في المهارة وبناء الهجمة وصناعة الأهداف المؤكدة. يبتسم لكاميرا «الرياض» مع الزميل فهد الدوس عبدالله الفيصل مدرسة إدارية لا أنسى الأسلوب التربوي الرائع والتواضع الكبير لرائد الرياضة الأمير عبدالله الفيصل حينما تولى الإشراف على منتخبنا في خليجي (2) عام 1392ه. كان يجلس معنا ويجاذبنا الحديث ويحمسنا في اللعب ولا يفرق بيننا ولا نشعر بالحرج حين نطلعه على ظروفنا وحاجتنا إلى المساعدة في بعض المواقف فيلبي مطالبنا ويؤازرنا مادياً ومعنوياً. احتفالية من الدرجة الثانية من الذكريات العالقة في ذهني حين دخلت الملعب مع زملائي اللاعبين لخوض مواجهة الكويت الافتتاحية لخليجي (2) عام 92ه رهبة الموقف لصغر سني والخوف الذي اعتراني جراء مشاهدتي للجماهير الغفيرة التي غصت بها مدرجات ملعب الملز. وعندما أحرزت الهدف الأول كنت أنوي التوجه للاحتفالية أمام المنصة وما أدري إلى أين أذهب فتوجهت من الربكة إلى مدرجات الدرجة الثانية. لقد بذل ساعد رزق (رحمه الله) جهداً خارقاً في صناعة ذلك الهدف حين راوغ أكثر من لاعب كويتي وهيأ الكرة أمامي لأحولها للشباك الزرقاء ثم أكمل فرحتنا النور موسى بادراكه التعادل (2/2). (الغراب) أغرب مهاجم.. و(ساعد رزق) لن يتكرر.. ورأس (النور) لا يخطئ فخور بصمود أسرع هدف أشعر بالفخر والاعتزاز اليوم كوني صاحب الرقم القياسي في إحراز أسرع هدف في تاريخ دورات الخليج بمرمى الإمارات في خليجي (2) عام 1392ه بعد مرور (17) ثانية ولا زال هذا الرقم صامداً في عامه ال 42 والكرة بدأها المدافع علي عسيري ومررها بسرعة لمحسن بخيت الذي هيأها لي لأسددها صاروخاً في الشباك الإماراتية. واليوم أرقب كل مباراة في دورة الخليج لمدة 17 ثانية فإذا جاءت الثانية ال (18) وأطمأننت إلى صمود رقمي القياسي و أترك متابعة المباراة إذا كان عندي ارتباط خارج المنزل!! فهذا الهدف التاريخي بقي انجازي الكروي على الساحة الخارجية بزمنه القياسي صامداً بمشيئة الله لتتذكرني به الأجيال المقبلة بعد وفاتي.. سيما وأنني لم أحظ بأي تكريم ولا تقدير سواء من فريقي (الشباب) أو من اتحاد الكرة للأسف الشديد أنا وزملائي الذين خدموا بأخلاص وضحوا بالكثير. تكريمنا في خبر كان حقيقة هذا ما احبطني إذ لم أتوقع في الماضي هذا الجحود والنكران بخلاف زملائنا اللاعبين السابقين في منتخبات الدول الأخرى الذين خُلدت انجازاتهم ووجدوا التكريم نظير عطاءاتهم المخلصة لوطنهم. الانسحاب الشهير نقطة سوداء مباراة البحرين وانسحابها الشهير الذي أفقدنا لقب كأس دورة الخليج الثانية ترك أثراً سلبياً في نفوسنا وتألمنا كثيراً يومها تمنينا لو استمرت المباراة إذ كان الفارق في الأهداف عن الكويت (4) أهداف وسجلنا هدفين للغراب وطرد منهم لاعبان والحارس على ما أعتقد من جانب الحكم السوداني عابدين وكان بامكاننا إضافة أربعة أو خمسة أهداف لنتوج بالكأس الغالي.