إنها عائلة يحمل جميع أفرادها المسدسات والبنادق وتلهج ألسنتهم بعبارات دينية باستمرار وتكنّ عداء مريرا للحكومة ودائما ما تحذر كل من يجرؤ على الاقتراب من منزلها قائلة،" نحن لا نخاف من احد من بني البشر. إننا نؤمن بمبدأ العين بالعين والرصاصة بالرصاصة." وظلت هذه القبيلة التي يقودها الجد جون جو غراي والتي تتألف من نحو 12 شخصا من الرجال والنساء والأطفال تشن حربا ضد رجالات الشرطة المحلية والفدرالية منذ حوالي 12 عاما، فيما تعد أطول مواجهة لا نهاية لها مع الشرطة في تاريخ أميركا. وتعيش الأسرة في رقعة زراعية في ريف ترينيداد بتكساس وتمارس حياة أبعد ما تكون عن روح العصر وتنتظر منذ عام 2000 أن تتعرض لحصار لم يتحقق حتى الآن. وظل غراي وعشيرته يعيشون على ارض مساحتها 47 فدانا (188 ألف متر مربع) بلا كهرباء ومياه جارية ولكنهم يمتلكون الكثير من الأسلحة والذخائر ويتحدون السلطات أن تعتقل زعيم القبيلة الذي صدر بحقه أمر قبض منذ أكثر من عقد من الزمان. وتحطمت الكثير من علامات التحذير التي خطت باليد ووزعت في أنحاء المزرعة التي هجرها العديد من أفراد العائلة تاركين خلفهم غراي وبعض أقاربه (يرفض أن يفصح عن عددهم) في ضيعة تظللها الأشجار على جانب نهر في مقاطعة هندرسون الريفية، على بعد 50 كيلومترا من دالاس. وتقوم القبيلة بزراعة موادها الغذائية وتعيش في كوخ ومقطورة ودائما ما يحملون أسلحتهم معهم داخل أقربة مصنوعة يدويا من الجلد. ومن المشاهد الغريبة لدى هؤلاء القوم أنهم يلعبون كرة " الراكيت" وهم يحملون المسدسات والمدى على أحزمتهم. إنهم يعيشون كمن تخطاهم الزمن بقرن كامل. ويعمل غراي، البالغ من العمر 63 عاما الآن، في مجال البناء وتزعم مليشيا تكساسية ظلت تتدرب بلا انقطاع في الضيعة المنعزلة حيث ظل يعيش لمدة 15 عاما، قبل دخوله في مواجهة مع قوات الأمن. وكانت الشرطة قد أوقفت غراي بالقرب من مقاطعة اندرسون في عام 1999 وهو يقود سيارة محملة ببنادق متطورة ومواد معارضة للحكومة غير انه رفض الخروج من السيارة وأنشب أنيابه في يد احد رجال الأمن عندما حاول إخراجه من السيارة بالقوة وحاول انتزاع سلاحه منه. جميع أفراد العائلة مسلحون ولدى تقديمه للقضاء، ذكر مدعي عام المقاطعة أمام المحكمة أن غراي يشكل تهديدا خطيرا لأن الشرطة عثرت في حوزته على رسومات لمخطط لتفجير جسر في دالاس. وتم إخلاء سبيل غراي بكفالة ولكنه لم يمثل أمام المحكمة مرة أخرى قط وأرسل للسلطات رسالة بخط اليد قال فيها إنه يستحسن لهم أن يحضروا معهم الكثير من أكياس حفظ الجثث متى ما راودتهم فكرة اقتحام مجمعهم، على حد إفادة غراي توماس المحقق السابق في مقاطعة اندرسون. غير أن الاقتحام لم يحدث قط. فسلطات المقاطعة لا ترغب في المخاطرة بشن معركة بالبنادق قد تسفر عن مقتل رجالات الشرطة والأطفال داخل المجمع، على حد قول قائد الشرطة راي نات، مضيفاً أن غراي سيُعتقل متى ما شوهد وهو يقود سيارته أو يتسوق في المقاطعة. ويقول نات إن لدى غراي وعصبته أسلحة أكثر تطورا مما لدى الشرطة بجانب أن هناك أطفالا داخل المجمع قد يستخدمهم غراي كدرع بشري. وعندما استقر غراي في مجمعه، قدم أفراد مليشيات من عدة ولايات وتولوا الحراسة أمام المدخل على مدار 24 ساعة. ووضع غراي لافتات حول المجمع تحمل عبارات مثل" مخالفة الطغاة طاعة للرب" و" نحن مليشيا وسنعيش أحراراً أو ستموتون" . وكانت القضية قد حظيت باهتمام على المستوى القومي في عام 2000. ففي أغسطس من ذلك العام تسلل المسلحون فجرا إلى مزرعة مجاورة وأتلفوا كاميرات مراقبة وجهاز إرسال فيديو كانت السلطات قد نصبتها على مقطورة لنقل الخيول قبل أن يعودوا إلى داخل المجمع. ويتهم غراي السلطات باستهدافه لأنه يعلم أنهم انشأوا منذ وقت طويل مصنعا للمخدرات بالقرب من مزرعته، وهو اتهام تصفه السلطات بأنه سخيف. كما يزعم أن ممرضة تابعة لسلطات السجن حاولت حقن جهاز للمراقبة داخل جسمه. ونظرا لطول أمد المواجهة، يتساءل البعض عما إذا كانت القضية لا تزال ضمن اهتمامات الشرطة، لا سيما وأن غراي شوهد وهو يقود سيارته في البلدات المجاورة أو يرتاد المحلات التجارية. وبمرور السنوات يعيش غراي وأفراد أسرته حاليا في سلام على أرضهم ويرغبون في ألا يتدخل احد في شؤونهم. إنهم يشربون الماء من بئر ويزرعون الخضروات ويصطادون السمك من النهر. ويقول الجيران إن هناك سوء فهم من قبل سلطات تطبيق القانون ووسائل الإعلام وإن آل غراي لا يسببون أية متاعب. في غضون ذلك يقول قائد الشرطة نات:" بإمكاننا أن نتوجه إلى المزرعة والتحدث وجهاً لوجه مع غراي ولكننا لم نخطط لذلك بعد. لوضع مستقر الآن ولكنه قد ينفجر في أي لحظة، ونحن مستعدون إذا ما وجدنا أنفسنا مرغمين على التدخل." لافتة خشبية تحمل عبارة «مخالفة الطغاة طاعة للرب»