حقق الرئيس المصري محمد مرسي انتصاراً بتمرير مشروع الدستور الجديد الذي تحتج عليه المعارضة التي خاض في مواجهتها اختبار قوة منذ ان اصدر في 21 نوفمبر الماضي اعلانا دستوريا استهدف بالاساس تحصين الجمعية التأسيسية لوضع الدستور من اي حل قضائي. إلا انه رغم هذا النجاح لا يزال مرسي يواجه صعوبات كبيرة تهدد سلطته وخاصة مع الازمة الاقتصادية الحادة وقوة حشد المعارضة والمخاوف الدولية. واقر الرئيس المصري، في كلمة بثها التلفزيون المصري مساء أمس بمناسبة اقرار الدستور بالازمة التي تواجه بلاده وأعلن عن تعديل وزاري لتكون الحكومة اكثر قدرة على التعامل معها. وقال مرسي "كلفت الدكتور هشام قنديل عمل التعديلات الوزارية اللازمة التي تناسب هذه المرحلة" بعد أن أكد أنه سوف "يبذل كل جهد من اجل دفع الاقتصاد المصري الذي يواجه تحديات ضخمة، ولكنه يمتلك فرصا كبيرة للنمو". وأكد مرسي "نقف اليوم لنحتفل بدستورنا الجديد انه يوم تاريخي مشهود" مضيفا "لقد اصبح لمصر والمصريين دستور حر ليس منحة ولا فرضاً من رئيس ولا املاء من مستعمر، انه دستور اختاره شعب مصر بارادته الحرة الواعية". واعتبر ان اقرار الدستور يعد "بحق فجر مصر الجديدة الذي بزغ وهو الآن يسطع وسيمضي نهار مصر الجديدة الى تحقيق أهدافه". وكان مرسي يرد بشكل غير مباشر على المعارضة التي قالت ان عمليات الاقتراع شابها تزوير التي رفضت مشروع الدستور معتبرة انه لا يعبر عن توافق وطني ويقيد الحريات العامة وحريات الاعلام والابداع كما يفتح الباب لتفسيرات متشددة ل "مبادئ الشريعة الاسلامية" وهي المصدر الرئيسي للتشريع في مصر. وتابع الرئيس المصري "لقد عشنا جميعا اياما واسابيع من الترقب والقلق حرصت فيها بحكم مسؤوليتي امامكم وامام التاريخ وقبل ذلك امام الله ان ينتقل الوطن الى بر الامان وان ننهي فترة انتقالية طالت لمدة ما يقرب من سنتين تكلف فيها اقتصاد الوطن وامنه الكثير (..) وشهدت جدلا سياسيا كبيرا حول عملية صياغة الدستور واتخذت القوى السياسية مواقف مختلفة وهو امر طبيعي في ظل مجتمع كبير وهو يتحرك باقتدار نحو الديموقراطية والتنوع في الرأي". ولكنه استدرك "للاسف البعض لم يدرك الفارق بين حق التعبير السلمي عن الرأي وبين اللجوء الى العنف ومحاولة فرض الرأي عن طريق تعطيل المؤسسات العامة وترويع المواطنين، واذا كنا جميعا نرحب بالاختلاف في الرأي فاننا جميعا نرفض العنف والخروج عن القانون". وقال ان "الشعب المصري اقر الدستور بأغلبية قاربت الثلثين ولكنني اقرر ان قطاعا محترما من شعبنا اختار ان يقول لا وهذا حقهم لان مصر الثورة لا يمكن ان تضيق بالمعارضة الوطنية الفاعلة". واثار عدم الاستقرار السياسي تساؤلات بشأن امكانية تجاوز الازمة الاقتصادية الحادة التي تواجهها البلاد. وللحد من خروج النقد الاجنبي الذي يضغط على قيمة الجنيه المصري اصدر مرسي قرارا جمهوريا ينص على ان "إدخال النقد الأجنبي إلى البلاد أو إخراجه منها مكفول للجميع في حدود عشرة آلاف دولار فقط لا غير أو ما يعادلها من العملات الأجنبية الأخرى، كما يقضي بحظر إدخال النقد الأجنبي، أو إخراجه من خلال الرسائل والطرود البريدية". وكان الرئيس مرسي وقّع في وقت سابق أمس مرسوم إنفاذ الدستور الجديد، بعد أن أعلنت اللجنة العليا للانتخابات النتائج النهائية للاستفتاء الليلة قبل الماضية، بالموافقة على مشروع الدستور، حيث بلغت نسبة الموافقة (63.8%) (بإجمالي 10 ملايين و693 ألفًا و911 مواطنا)، مقابل (36.2%) قالوا "لا" بإجمالي 6 ملايين و61 ألفًا و101 مواطن. وعقدت أمس أولى جلسات مجلس الشورى بكامل تشكيله بعد انضمام الأعضاء المعينين، وباختصاصاته الجديدة، بعد أن انتقلت إليه سلطة التشريع. وأدى الأعضاء المعينون في بداية الجلسة اليمين الدستورية بعد أن تلت الأمانة العامة القرار الجمهوري بتعيينهم في مجلس الشورى، شاملا أسماءهم. وشهد محيط مجلسي الشورى والنواب تواجدا أمنيا كثيفا، وتحول شارع مجلس الشعب لما يشبه الثكنة العسكرية. وأرجعت مصادر أمنية التشديد الأمني إلى احتمال قيام تظاهرات بعد إعلان نتيجة الاستفتاء على الدستور، ورفض بعض الحركات السياسية لتعيينات مجلس الشورى لاسيما في ظل ما تردد عن وجود عدد من ممثلي الحزب الوطني المُنحل. على صعيد آخر، أعلن الدكتور يسري حماد المتحدث باسم حزب النور السلفي استقالة 150 من أعضاء الحزب في 23 محافظة. وقال محمد نور المتحدث الرسمي باسم الحزب "نحن نتحدث عن مشروع بدأناه مع النور، لكننا اكتشفنا أن الآليات الأخيرة ابتعدت عن هذا المشروع الممثلة في ثوابت الأمة، ومرجعية الشريعة الإسلامية، ونحن نرى أن كثيرا من أبناء الشعب أرهقوا بسبب الخلافات السياسية الموجودة حاليا". وعقد الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل اجتماعا مع الأعضاء المستقيلين من الحزب، الليلة قبل الماضية، للنقاش حول الكيان الحزبي الجديد وكيفية دمج الطرفين. وكان حماد أعلن أول من أمس أن أعضاء النور الذين سيتوجهون للاستقالة لن ينضموا لحزب جديد يعتزم أبو إسماعيل تشكيله وسيكون لهم حزبهم، لكنهم سيدرسون الائتلاف مع حزب أبو إسماعيل في الانتخابات البرلمانية المقبلة.