إنه عام سينمائي بامتياز، عام حافل بالفن السابع وقدرته الفذة على الدوام في التداخل مع الفنون الأخرى مثل بحر يستقبل الأنهار برحابة صدر منقطعة النظير، فقط حاول أن تستذكر بعض ما شاهدت هذا العام، لتدرك المنافسة الكبيرة وعدداً من الأسماء التي برزت هذا العام عبر إطلالة مميزة في الشاشة الكبيرة التي قدمت كثيراً من الرموز الفنية الكبيرة التي يتذكرها الجمهور جيداً خلال قرن كامل وعقد من قرن جديد. إنه عام أوبة للعديد من المخرجين الكبار إلى كراسيهم، وتقديم عمل جديد تحيطه حفاوة التوقعات الإيجابية للجمهور والنقاد، ويبقى الرهان تلك الصالة المظلمة حيث ينبعث فيها الضوء ليعطي حكم القبول أو الرفض. مايكل هينيكيه، ستيفن سبيلبيرج، ريدلي سكوت، كوينتن تارانتينو، آنج لي، كرستوفر نولان، توم هوبر ، ويز أندرسون، بيتر جاكسون، آل واتشوسكي، أسماء لها ثقلها في عالم الإخراج، بعضهم مثل هينيكيه يعتبر أيقونة في السينما العالمية، لكن أفلام بعضهم لم يكن لها الحظ في شهرة أسمائهم مثل فيلم ريدلي سكوت "برومثيوس -Prometheus " الذي كان واعداً للغاية ثم ظهر وكأنه محاولة لاستثمار نجاح سلسلة "إلينز" الشهيرة، على الرغم من أن الفيلم أكبر من ذلك بكثير، وكذلك فيلم "كلاود أطلس – Cloud Atlas" لواتشوسكي وتوم تيكور، والذي نال تقديراً نقدياً وجماهيرياً لكنه لم يصل إلى حد التوقعات السابقة، وربما يعود سبب ذلك إلى طول الفيلم الذي بلغ الساعات الثلاث إلا من بضع دقائق، وربما كان السبب يعود إلى الطبيعة المعقدة للقصص المتعددة التي يدور الفلم في فلكها من خلال الأزمنة الثلاثة في الماضي والحاضر والمستقبل. ربما كان من أكثر ما لفت الانتباه هذا العام، بن أفليك من خلال فيلمه "أرقو - Argo" الذي قدم من خلاله قصة إنقاذ الدبلوماسيين الأمريكيين وتهريبهم من إيران إبان الثورة الإيرانية عام 1979م في عملية نوعية تم الاستعانة من خلالها بالسينما في قصة ترقب وإثارة بالغة، في ثالث فيلم يؤكد أن وقوفه خلف الكاميرا أجدر من وقوفه أمامها، هناك أيضاً فيلم كاثرين بيقلو "30 دقيقة بعد منتصف الليل – Zero Dark Thirty" والذي يدور حول عملية اغتيال زعيم القاعدة أسامة بن لادن في النصف الأول من عام 2011م، ويبدو أن الجوائز تحوم حول بيقلو في كل فيلم تقدمه عن الحروب الأمريكية وسياساتها الخارجية. كوينتن تارانتينو يغزو أرضاً جديدة كعادته، فبعد أن ساح في عوالم الساموراي في أفلام "اقتل بيل"، ثم الحروب في فيلم "الأشقياء المغمورون"، ها هو في عالم الغرب المتوحش ورجال البقر الذي يتنفسون رماد الأسلحة ويشربون دماء أعدائهم، في قصة تمرد على القوانين والأعراف الطبقية والعنصرية والاستعباد الذي رسم الوجه العام لتلك الحقبة، تارانتينو ينتزع الإعجاب بفيلمه " جانقو غير المقيد – "Django Unchained في كل حانة سينمائية يدخلها، إنها سنة جيدة بالنسبة له ولثلة الممثلين الذين عملوا معه في هذا الفيلم. سبيلبيرج يحقق فيلمه المنتظر عن الرئيس الأمريكي السادس عشر "لينكون – Lincoln"، الذي يروي قصة الشهور الأربعة في حياة "إبراهام لينكون" في محاولته تمرير قانون إسقاط العبودية وتحرير العبيد، بالاعتماد على سيرة ذاتية كتبتها الحائزة على جائزة البوليتزر "دوريس كيرنز قودوين"، بطاقم ثقيل يضم في صفه الأوسكاريان دانييل داي-لويس، وسالي فيلد. في فيلمه الروائي السابع، لا ينفك "ويز أندرسون" عن الغرائبيات التي تحويها معظم أفلامه دون الإقلال من شأن القصة البديعة التي يعالجها في كل مرة، وهي تدور هذه المرة عن مراهقين أقرب إلى الطفولة يخططان للهرب من جزيرة في نيو إنجلاند، للوصول إلى ما أسموه "مملكة القمر المنير – Moonrise Kingdom"، لكن والدي الفتاة التي تهرب مع الفتى، والشرطة ورئيس الكشافة التي ينتمي لها الفتى يجدونهم في نهاية حكاية رومانسية في حدودها الضيقة، وبطابع كوميدي فاتن. آنج لي بعد غياب عن المهرجانات منذ عام 2005م، يعود في فيلم "حياة باي – The Life Of Pi"، مقتبس عن رواية الكندي يان مارتل الحاصل عنها على جائزة البوكر مان عام 2002م، إحدى أجمل الروايات التي افتتح بها عقد الألفية الثالثة، الفيلم يحاول الاقتراب من عظمة الرواية، في محاولة ناجحة دون شك، رغم عدم رضى كثير من القراء. "البؤساء - Les Misérables" المسرحية الغنائية الناجحة منذ عام 1980م، المعتمدة على تحفة الفرنسي فيكتور هوجو، تم تحويلها إلى فيلم سينمائي موسيقي من إخراج البريطاني توم هوبر، وبطاقم يضم هيو جاكمان، وراسل كرو، آنا هاثاواي، وهيلينا بونهام كارتر، وأماندا سيفريد، وقد لاقى الفيلم كما المسرحية من قبل، نجاحاً بالغاً، عزاه النقاد إلى براعة الممثلين وجودة أدائهم وحسن إدارة توم هوبر واستثماره المميز لمعالجة المسرحية المعتمدة على نص حساس ومرهف. آنج لي مايكل هينيكه كرستوفر نولان داني دي لويس يلفت الأنظار بدوره في فيلم «لينكولن» ستيفن سبيلبيرج كوينتن تارانتينو ويز أندرسون دي كابريو في فيلم «جانغو بلا قيود» من فيلم «كلاود أطلس» آرغو.. تجربة سينمائية مميزة لبين آفليك