حجم المشكلة وانتشار المعضلة بداية نود التطرق الى حجم مشكلة زيادة الوزن في الأطفال سواء في المملكة العربية السعودية أو في عالمنا العربي المحيط بنا. إن المتفحص لنسب انتشار زيادة الوزن في الأطفال في المملكة العربية السعودية يدرك أن حجم المشكلة في تزايد مضطرد، ومن خلال مراجعة سريعة لما تم نشره خلال السنوات الماضية نجد أن من أوائل الدراسات الاحصائية لزيادة الوزن في الأطفال يعود إلى دراسة نشرت في عام 1996 ميلادية وضمت حوالي تسعة الاف طفل أوضحت أن نسبة من يعاني من السمنة من الأطفال حوالي خمس عشرة في المائة وأن من يعاني من زيادة الوزن حوالي أحد عشرة في المائة. إلا أنه مع تقدم السنين نجد أن هذه النسب تزداد سواء على مستوى زيادة الوزن أو نسب السمنة، ففي دراسة نشرت من المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية أوضحت أنه تقريبا تسع عشرة في المائة من الأطفال يعانون من زيادة الوزن وأن ثلاثة وعشرين في المائة منهم يعاني من السمنة وأن حوالي خمسين في المائة من المراهقين يعاني من أوزان مرتفعة ومقاربة للحد الأعلى الطبيعي وقد نشرت هذه الدراسة التي ضمت أكثر من سبعة الاف طفل عام 2010 ميلادية، وقد عزت بعض الدراسات المحلية السبب في ذلك إلى عدم ممارسة النشاط الرياضي، فقد أوضحت دراسة محلية طبعت عام 2004 ميلادية أن الخمول وعدم ممارسة أية نشاط رياضي هو أسلوب أربعين إلى 99 في المائة من الأطفال ويبدو أن الوضع أصبح أكثر سوءا هذه الأيام مع انتشار وسائل الترفيه الالكترونية والتلفزيونية وغيرها. ولا تقف نسب زيادة الوزن لدى الأطفال فقط ولكن تستمر المشكلة حتى الكبر، فقد أوضحت الدراسات في المملكة العربية السعودية أن معدل وزن الأشخاص ذوي الوزن الزائد تتزايد بتزايد العمر وذلك بشكل طردي ويبلغ قمته في العقد الخامس من العمر وقد بلغ معدل السمنة في هذه الدراسات إلى 30٪ وقد كان للإناث الحظ الاوفر منه بالمقارنة بالذكور. تعريف زيادة الوزن في الأطفال: هناك مصطلحان يتعلقان بالوزن وزيادته وهما الوزن الزائد والسمنة ولكل منهما تعريف مختلف فالوزن الزائد هو أن يكون معدل كتلة الجسم أكثر من 25٪ بينما السمنة تعريفها هي أن يكون هذا المعدل أكثر من 30٪ أي أن السمنة أعلى درجة من زيادة الوزن. ومعدل كتلة الجسم هو حصيلة قسمة الوزن بالكليوجرام على مبلغ الطول بالمتر. ويعتمد المختصون على القياسات السابقة لتعريف السمنة وزيادة الوزن وهناك أيضاً طرق أخرى كمعرفة الوزن ومقارنته بالمنحنيات المخصصة لذلك وحجم كثافة الجلد وغيرها. من المقاييس المختلفة. أسباب السمنة وزيادة الوزن في الأطفال: أسباب غير مرضية: يجب علينا معرفة أن معظم أسباب السمنة هو غير مرضي بخلاف المعهود والمعروف لدى عامة الناس، ويكون بسبب كثرة الأكل وقلة الحركة. وقد يكون تطور الحياة المعاصرة والتقنيات الحديثة التي سهلت للفرد تلبية جميع احتياجاته في الحياة سببا رئيسيا لحدوث زيادة الوزن حيث أنها سلبته حرية الحركة، فأصبح المصعد بديلاً عن الدرج، والسيارة بديلاً عن القدمين، وأجهزة التحكم التلفزيونية باتت هي المحرك الرئيسي لتشغيل قنوات التلفاز. ويجب علينا أن ندرك أن السمنة ناتجة عن سلوك خاطىء عند معظم الأطفال في يومنا الحاضر والأمر لم يعد يقتصر على مشاهدة التلفاز فقد تعددت القنوات الفضائية وانتشرت الألعاب الإلكترونية ناهيك عن الإنترنت وتصفحه وغير ذلك، الذي جعل من الصغير قبل الكبير أسيراً أمامه، وأما من الناحية الغذائية فوجبات الأطفال تفتقر عادة إلى العناصر الغذائية الضرورية واستبدلت في أغلبها بالوجبات السريعة المحتوية على الأغذية الخاوية والسكريات والمياه الغازية وغيرها. أسباب مرضية: الأسباب المرضية للسمنة تعد السبب الأقل حدوثاً وهي أمراض الهرمونات والغدد الصماء كنقص افراز هرمون النمو وهرمون الغدة الدرقية أو الغدة جار الدرقية أو زيادة افراز الغدة الكظرية أو أمراض الغدة النخامية وأورام المخ وتحت المهاد وهناك بعض المتلازمات المسببة للسمنة ويصاحبها بعض الأمراض الأخرى. وعموما فهي هذه الأسباب تقترن عادة بزيادة محدودة في الوزن وليس زيادة مفرطة. أسباب وراثية: للوراثة دور في إصابة الأطفال بالسمنة، فالطفل الذي والده مصابان بالسمنة هو أكثر عرضة من غيره للإصابة بها وهناك العديد من المسببات المرضية للسمنة يكون للعامل الوراثي دور في ذلك فالتوأم البدين يكون أخوه معرضاً للسمنة أكثر من غيره. مما يؤكد دور الوراثة كمسبب للسمنة. وهناك أمراض جينية نادرة وقد تسبب زيادة الوزن ومنها: جين وراثي أطلق عليه اسم اللبتين وهو الجين المسؤول عن تكوين بروتين اللبتين، ونقص هذا الجين يسبب عند الفئران فرط في الأكل وعدم استجابة للأنسولين وإعطاء اللبتين لهذه الفئران عكس كافة صفات هذه المرض ويتم إنتاج اللبتين في الخلايا الدهنية والأمعاء والمشيمة. واللبتين يرسل اشارات للمخ عن كمية الدهون المخزنة في الجسم. وقد أدت هذه وغيرها من الملاحظات الى ربط اللبتين بزيادة السمنة كما أن السمنة بسبب نقص هرمون الليبتين قد وجدت في عائلتين أو أكثر. وبعلاج أفراد هاتين العائلتين بجرعات فسيولوجية من هرمون الليبتين حدث انخفاض ملحوظ في استهلاك الغذاء وفقدان كبير في الوزن وكتلة الدهون. وكما ذكرنا سابقا فهذه الأسباب الجينية تشكل النسبة الأقل من مسببات زيادة الوزن لدى الأطفال. والسبب الثاني الوراثي الجيني هو خلل في جين مستقبلات هرمون الليبتين وليس جين اللبتين نفسه وهذه المستقبلات موجودة في الإنسان وليس لهذه الحالة علاج إلى الان. وهناك عدد كبير من الجينات الأخرى ذات العلاقة والارتباط بزيادة الوزن وهناك أيضا عدد من المتلازمات المسببة لزيادة الوزن مثل متلازمة برادر ويلي ومتلازمة لورانس مون بيدل وغيرها. علاج المشكلة: إن علاج هذه المشكلة يكون بالوقاية منه حيث إن العلاج الدوائي أو الجراحي لا مكان له في السمنة خاصة تلك التي تصيب الأطفال. وتلعب التوعية الصحية دوراً هاماً في ذلك ولا تقتصر على العائلة بل تتعداها إلى المدرسة والمراكز الصحية والمجتمع بأكمله. فيجب توعية الطفل والأهل بأضرار السمنة كسبب رئيس لأمراض القلب وارتفاع الضغط والسكري وأمراض المفاصل وغيرها في المدارس والمراكز الصحية وغيرها، وأيضاً التركيز على أهمية الغذاء السليم المتوازن وممارسة الرياضة خاصة للأطفال الذين لديهم الاستعداد الوراثي لذلك. أما المصابون بالسمنة من الأطفال فيجب إعداد برامج تدريبية رياضية غذائية لهم لمساعدتهم على إنقاص أوزانهم مع توفير الدعم النفسي والاجتماعي لهم. * قسم أمراض الغدد الصماء والهرمونات