سنبدأ بسؤال قد لا نملك له إجابة مختصرة أو واضحة ومحددة وصريحة: "هل تخدعنا عقولنا؟" وقبل أن نجيب لنسأل سؤالا آخر: "كم مرة استخدمنا عبارة خانني ذكائي؟". والآن لنحاول سوية أن نفكر في طريقة استقبال العقل للمعلومة وكيفية تحليله لها. لنتكلم أولا عن الأشكال والألوان؛ في تجربة بسيطة قام الباحث بسؤال الجموع حوله عن لون مربعين احدهما في أعلى الصورة والآخر أسفلها؛ الكل اتفق على اللون الواضح الذي نراه فالمربع العلوي لونه رمادي فاتح والآخر رمادي غامق، حين أخذ قطعة من المربع السفلي ونقلها حيث المربع العلوي تغير لونها إلى فاتح، هل هذا هو لونها الأصلي؟ ومن الذي يحدد اللون الأصلي؟ هل مارس الباحث خدعة أم أن عقلنا عجز أن يتعرف على الألوان؟ الأمر ببساطة هو أن العقل يستخدم معطيات معينة للتعرف على الأشكال والألوان أمامه، العقل في تلك اللحظة وبسبب الطريقة الهندسية للأشكال وترتيب الألوان في تلك اللوحة ووضعيتها افترض ان ما يراه عبارة عن مربع علوي واعتبر أن المربع السفلي هو ظل أو انعكاس للمربع العلوي، لذلك كان اختياره للون معتمدا على هذا المبدأ. فتعرف العقل البشري على الأشكال وحركتها هو من خلال تمازج بين معطيات معينة منها زاوية وجود الظل أو درجة الضوء إن صح التعبير. السؤال هنا؛ هل العقل في هذه الحالة يمارس الخداع؟ ليس بالضرورة هو فقط يتعامل مع ما هو أمامه حسب ميكانيكة معينة ونظام معين. وهل يعني هذا أن نفترض أن كل الألوان لا وجود لها في الواقع بل هي تكيف عقلي مع البيئة؟ هذا الافتراض مبالغ فيه طبعا ويبعدنا عن الفكرة الأساسية التي نناقشها لكنه قد يدور في ذهن البعض. العقل يتعامل مع ويتعرف على الألوان بطريقة مشابهة للطريقة التي يتعرف فيها على الأصوات والأشكال وبنفس الميكانيكة من استقبال المعلومة وتفكيكيها والاعتماد على التجارب المعرفية السابقة، السؤال الذي قد يخطر على بالنا: هل يمكننا أن نبرمج عقولنا بحيث تتبع مسارا آخر للتعامل مع هذه المعطيات التي حولها في البيئة؟ بصراحة؛ لا أعرف، لكنه أمر يستحق البحث والتفكير.