بعد أحداث 11 سبتمبر أصدر مركز دراسات الوحدة كتاباً بعنوان: "صناعة الكراهية في العلاقات العربية الأميركية"؛ شارك فيه مجموعة من الباحثين. أكدوا في أبحاثهم على أن المشكلة الاقتصادية العربية من جهة والصراع العربي الإسرائيلي أكبر أسباب تدهور العلاقات العربية الأميركية، هذا فضلاً عن الأيديولوجيات الشمولية التي ترفع شعار "عداوة الإمبريالية" أو العقلية "التوسعية" الأميركية، لكن حين أطبق الأسباب التي ذكرت على الخليج لا يبقى لدينا مشكلة مع أميركا إلا بما يخص إسرائيل، وإلا فإن التحالفات بيننا وبينهم قوية، وللأميركيين أدوار كبيرة في حفظ الأمن بالخليج والمساعدة على طرد العراق من الأراضي الكويتية، وفي العقد الأخير ساهمت أميركا في دحض القاعدة وقطع دابرها وإبقاء التحدي بيننا وبينها في خانته الضئيلة. إذاً من الذي شيطن أميركا؟! لو أخذنا الموضوع في سياقه البسيط سنجد أن أميركا امبراطورية لها أهدافها، غير أن الخليج ليس موضع معركة بالنسبة لها، بل هو مكان للحلف التاريخي، ولا ننسى اللقاء الكبير بين الملك عبدالعزيز والرئيس الأميركي روزفلت، أميركا لها أدوار إيجابية قوية تجعلنا نطالب بأن ننظر إليها بعين أكثر إنصافاً. إذا استحضرنا غزواتها القاسية والخاطئة للعراق أو أفغانستان سنجد أنها ضمن ملفات معقدة تأتي في "السياسات"؛ أما الثقافة الأميركية بالنسبة للمجتمع وغيره فهي ليست عدوانية. الحروب لا تعقل ولا تفكر وليس لها مبرر، الحرب نتيجة تعقيد وليست نتيجة تنظير فقط. تزامن التصعيد الشيوعي ضد أميركا مع صعود الثورة الإيرانية وتنامي المد الصحوي الإسلامي الذي شيطن أميركا بشكل مبالغ فيه، ساروا في فلك الخميني حين قال عن أميركا إنها "الشيطان الأكبر"! قبل أيام أكد القنصل الأمريكي في الظهران جوي هود، أنهم يولون اهتماماً لتفنيد كل الإشاعات عن المملكة لرعاياهم القادمين لها، وأن هناك أكثر من 1000 رجل أعمال سعودي إلى الولاياتالمتحدة لغرض بحث الفرص والأعمال التجارية، وأن أميركا أصدرت 110 آلاف تأشيرة للسعوديين لأمريكا خلال العام الماضي، وقال إن المملكة ضمن أكبر ثلاث دول في العالم ترسل طلاباً إلى الولاياتالمتحدة! بآخر السطر، فإنني كنت بأميركا قبيل أحداث 11 سبتمبر، لم أرَ في أميركا الشيطان الذي رأوه، ولو كانت شيطاناً فلماذا نبعث أبناءنا إليها؟!