لقد غدا الإعلام في هذا العصر دعامة مهمة وقوة فاعلة في المجتمع لما له من دور فاعل في نشر الثقافة الأمنية، وتنمية الحس الأمني لدى المواطنين، ولما له من دور في استقرار المجتمعات وتماسكها. من هذا المنطلق فقد تطور "الإعلام الأمني" تطورًا ملموسًا ليواكب التقدم الذي يتطلبه الجانب الأمني من ناحية، وما يقتضيه التطور الإعلامي من جانب آخر؛ إذ لم تستطع الأجهزة الأمنية الاستمرار بما اعتادت عليه من التكتم والسرية في المواقف التي تتطلب الصراحة والوضوح وبيان الحقيقة للعامة والخاصة، بل غدا من الواجب أن تقوم تلك الأجهزة بنقل الحقائق والمعلومات بكل دقة وصراحة مع مراعاة الأوضاع الخاصة والحساسية اللازمة التي تتطلبها بعض القضايا والأحداث. وليتمكن القائمون على الأجهزة الأمنية من تحقيق الاتصال الواسع والسريع مع المجتمعات فقد بدت أهمية الإذاعة الأمنية التي تهدف التوعية الأمنية وتحقق التوعية المرورية ورفع الروح المعنوية للمواطن من جانب ودعم دور رجال الأمن في تحقيق الأمن بمفهومه الشامل من جانب آخر؛ إلى جانب التعريف بالجريمة وأبعادها المختلفة، والتعريف بمضار المخدرات وآثارها المدمرة، وتقريب مفاهيم الأمن والسلامة والوقاية من الحرائق، وكيفية التعامل مع الحرائق المنزلية أو الكوارث الطبيعية وما ينتج عنها، بالإضافة إلى الإعلان عن الموجودات والمسروقات والمضبوطات، والإشارة إلى أماكن الاختناق في الطرقات واقتراح الطرق البديلة في أوقات الذروة والأزمات... وغيرها من الموضوعات. ولما تعاظمت أدوار الإذاعة كوسيلة من وسائل إعلام أمني جماهيري، ولما تتميز به الإذاعة من سرعة التواصل وسهولته سواء أكان ذلك داخل المنزل أو خارجه، أو في الحقل أو المصنع أو المتجر، أو في السيارة أو وسيلة النقل الأخرى؛ فقد أضحت أهمية الإذاعة الأمنية ضرورة لازمة في هذا العصر الذي تعاظم فيه دور الإعلام في الوقاية من الجريمة والحد من آثارها، وفي تحقيق أهداف الشرطة المجتمعية التي غدت مطلبًا ملحًا يجسد شعار "الأمن مسؤولية الجميع" وشعار "المواطن هو رجل الأمن الأول". فهل نرى ونسمع "إذاعة أمنية" في بلدنا الحبيب يشرف عليها من لديهم خبرة وكفاءة في عمل الأجهزة الأمنية والإعلام يمكنها تقديم رسالة اتصالية فعالة أسوة ببعض الإذاعات الأمنية التي أثبتت نجاحها في بعض الدول العربية كما اتضح في توصيات الملتقى العلمي الأول للشرطة العربية الذي نظمته جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية ضمن برنامج عملها لعام 1432ه والملتقى العلمي "دور وسائل الإعلام في مواجهة الأزمات" الذي نظمته الجامعة مؤخرًا ضمن برنامج عملها لعام 1433ه. *مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية