حذر البنك الدولي في تقرير خاص من تداعيات وخيمة لظاهرة التغير المناخي على منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا التي ستعاني من درجات حرارة اكثر ارتفاعاً ومن ظروف مناخية مدمرة للقطاعات الحيوية من الزراعة وصولا الى السياحة. واذا ما استمرت وتيرة الانبعاثات الحالية، فان درجات الحرارة في الدول العربية سترتفع بمعدل ثلاث درجات مئوية بحدود العام 2050، ويصل هذا الارتفاع الى 6 درجات خلال الليل، بحسب تقرير البنك الدولي الذي كشف عنه النقاب خلال مؤتمر الاممالمتحدة للمناخ في الدوحة. والمنطقة التي تعاني اصلا من شح في المياه العذبة، ستشهد تقلصا في نسبة هطول الامطار، فيما ستصبح الفيضانات المباغتة اكثر شيوعاً. وقال التقرير إن "المناخ في العالم العربي سيعاني من ظروف مناخية نقيضة غير مسبوقة". واضاف "ان درجات الحرارة ستواصل بلوغ مستويات مرتفعة قياسية، وفي مناطق كثيرة سيتقلص هطول الامطار، ستقل المياه المتوفرة، ومع ازدياد عدد السكان في المنطقة التي تعاني اصلا من شح في المياه، قد لا يكون هناك موارد مائية كافية لري الاراضي الزراعية وتشغيل الصناعة وتأمين المياه الصالحة للشرب". وبحسب التقرير، فإن "التغير المناخي لن يهدد فقط التوازن الراهن، بل سيهدد الاساسات الرئيسية للتنمية". ويجتمع مندوبون من حوالى 200 دولة في الدوحة للتوصل الى اتفاق حول الحد من انبعاثات غازات الدفيئة وتأمين التمويل اللازم للدول النامية، ومن بينها دول في المنطقة، من اجل مساعدتها على التعامل مع تغير المناخ. وتسعى الاممالمتحدة الى وضع سقف لارتفاع حرارة الارض نتيجة العصر الصناعي عند مستوى درجتين مئويتين، الا ان عدة تقارير صدرت مؤخرا حذرت من كون الارض تتجه لتسجيل ارتفاع في الحرارة يبلغ ضعف هذا السقف اذا ما استمرت وتيرة الانبعاثات الحالية. وذكر البنك الدولي ان التغير المناخي بدأ يؤثر او سيؤثر في المستقبل على غالبية ال340 مليون نسمة الذين يقطنون العالم العربي، الا ان المئة مليون شخص الاكثر فقراً سيعانون اكثر من غيرهم اذ يملكون القليل من الموارد ليتأقلموا مع التغيير. وسيؤثر تغير المناخ على نوعية الحياة مع انخفاض الدخل بالنسبة لحوالى سبعة بالمئة من سكان سوريا وتونس و24% من سكان اليمن. وتعاني جميع الدول العربية ما عدا ست فقط، من شح المياه. وهذا الوضع محدد بتوفر اقل من ألف متر مكعب من المياه سنويا لكل شخص. وسيؤدي تغير المناخ الى انخفاض المياه العذبة المتوفرة بنسبة 10% اضافية بحلول العام 2050، بينما سيكون عدد السكان قد ارتفع بنسبة 60%. واضافة الى ارتفاع الحرارة وشح المياه، سيواجه المزارعون مشكلة تملح الاراضي نتيجة لارتفاع مستوى مياه البحر، كما سيعانون من انواع جديدة من الحشرات ومن انخفاض خصوبة الارض. والارتفاع الذي تشهده الدول العربية حاليا في المنتوجات الزراعية، سيتباطأ على الارجح خلال العقود المقبلة وقد يبدأ بالتراجع بعد العام 2050. وقال التقرير ان "ذلك يدق ناقوس الخطر لان نصف سكان المنطقة العربية تقريبا يعيشون في الارياف، كما ان 40% من الوظائف هي في قطاع الزراعة". وستعاني السياحة ايضا من التغير المناخي. وهذا القطاع الذي يسهم بحوالى 50 مليار دولار من اقتصاد المنطقة العربية حاليا (حوالى 3% من اجمالي الناتج المحلي و6% من الوظائف)، سيعاني بالتأكيد عندما يبدأ السياح باختيار وجهات اكثر اعتدالا لناحية الطقس. وقال البنك الدولي "ان تساقط الثلوج في لبنان (لسياحة التزلج)، والارياف المرجانية في البحر الاحمر، والكثير من الاثار في المنطقة، جميعها مهددة بسبب تغير المناخ والطقس القاسي". وفي الوقت ذاته، تزيد الحرارة من مخاطر انتشار امراض مثل الملاريا وحمى الضنك في مناطق جديدة، فيما قد تنتشر آفة سوء التغذية مع شح الغذاء. ودعا التقرير الى تحرك سياسي عاجل لدمج الاهداف المناخية ضمن السياسات الوطنية. وبحسب البنك الدولي، فانه يتعين على الحكومات ان تجمع المعلومات المتعلقة بالمناخ وان تحسن من فاعلية ادارة الاراضي الزراعية وان تمول الابحاث في مجال الزراعات المقاومة للجفاف وفي منشآت تكرير المياه المبتذلة. وقال اينغر اندرسن نائب رئيس البنك الدولي للشرق والاوسط وشمال افريقيا في التقرير "بينما يصبح المناخ اكثر تطرفا، كذلك ستكون تداعيات تغير المناخ على نوعية حياة الاشخاص ورفاههم". واضاف "ان الوقت للتحرك على المستوى الوطني والاقليمي للحد من تغير المناخ هو الآن".