سبق وأن ذكرنا هنا واستشهدنا بتصريح لصندوق الموارد البشرية، حول وجود وظائف برواتب بقيمة 8000 ريال ولكن يرفضها المواطن، والآن رئيس لجنة النقل بغرفة التجارية الأستاذ سعيد البسامي يضيف بتوفر ما يقارب 70 ألف وظيفة بقطاع النقل بالمملكة، ولكن لا تجد من يعمل بها، وهذا كان حواري مع مستثمرين بقطاع النقل ومعروفين وهما الأستاذ عبدالرحمن العطيشان والأستاذ فهد الشريع نائب رئيس غرفة الشرقية وكلاهما يؤكد على عدم إقبال المواطن على وظيفة «سائق شاحنة» أو «سيارات النقل الكبيرة»، وهذه اصبحت نغمة مكررة أن المواطن لا يعمل وفق «إحتاج» حقيقي، بل يريد وظيفة هو يختارها وقد يضع شروطاً أساسية للدخل وهذا حقه تماما، فكل مواطن له شروط واعتبارات وحاسباته حول ذلك، ولكن حين تنتشر البطالة، وتصبح «مشكلة» و»أزمة» ما هي الحلول المتاحة حول ذلك؟ هل رفض العمل والانتظار للعمل أن يأتي؟ أو اقبل براتب حافز المتدني والمؤقت والذي لا يعني شيئا إلا كراتب رمزي؟ من الأهمية أن ننمي ثقافة «العمل» أيا كان العمل، وحين تكون رواتب تقارب 8000 ريال، فهي مجزية، ومن يجتهد ويجد بعمله كما قال لي الأستاذ فهد الشريع والعطيشان، يمكن لهم أن تصبح باب رزق كبير، ويبدأ يتملك سيارة ويصبح صاحب رأس مال ويبدأ العمل بدلا من موظف عادي. نحن نشهد في كثير من دول العالم جامعيين يعملون «سائقي أجرة» أو بمطاعم، أو غيرها، ونحن لسنا بعيدين فنحن نشهد الآن جامعيين وجامعيات أو اعلى علما أو اقل، ومع ذلك، نجدهم لا يعملون بطبيعة شهادات غير مطلوبة، أو ظروف عملية لا تناسب للعمل أو غيره من الأسباب ولكن الواضح أن أهمية تنمية «ثقافة» وقبول العمل ضعيفة حقيقة في بلادنا لا يمكن نقبل بأي عمل، رغم أننا الآن نشهد رواتب مجزية، ولكن عمل يعتبر نسبيا مرهقاً، ولكن أيهما أفضل بطالة وفقر أو عمل وجهد؟ لا وجه للمقارنة، ولكن نحن نعاني من «فكر العمل» أننا نصنف العمل، هذا يناسبني وهذا لا يناسبني، وهذه يجب كسرها بقوة وبكل ما يمكن، وهذا دور المجتمع أولا والأسرة، ومن تجربة بالقطاع الخاص، أجد مناطق بالمملكة التوظيف والسعودة عالية بها جدا وقد تصل 100%، وهما منطقتا «الأحساء، والقصيم» فنجد شباب الأحساء أو بريدة وعنيزة وغيرها هم من يمارس العمل، فتجد منهم « خبازا ، ويبيع التمر، وسائق أجرة، وبائعاً بمحل، ويصيد السمك، ويعمل بسوق السمك، وينظف السمك، وكثير من الحرف والمهن» هذا شباب سعودي أشاهدهم وأعرف هذا جيدا، فلماذا هؤلاء ينجحون بالعمل الخاص ويقبلون بأعمال ومهن صغيرة وهي تدر عليهم أموالاً ودخلاً مجزياً. يجب أن نرسخ ونزرع من المنزل والمدرسة والمجتمع، والأعلام وشبكات التواصل، أن العمل لا عيب به، وأي عمل، وتبدأ صغيراً وتكسب خبرة يكبرك مع الزمن، فلم يكن هناك احد بدأ كبيراً .