سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
د. العبيداء: أمراض الفم والأسنان في المملكة تسجل أرقاماً قياسية على مستوى العالم والتوعية وحدها لا تكفي التأمين الطبي لطلاب المرحلة الابتدائية يقلل من نسبة الإصابة
أكّد "د. محمد بن ابراهيم العبيداء" -استشاري علاج جذور وأعصاب الأسنان والأستاذ المشارك بكلية طب الأسنان بجامعة الملك سعود- أنّ تطبيق التأمين الصحي على الأسنان سيحد بشكل كبير من مشكلة تسوس الأسنان وسط كافة فئات المجتمع، وخصوصاً الأطفال، والتي بلغت نسبتها (93%) كأعلى نسبة على مستوى العالم، وقال في حديث ل "الرياض": "يوجد (9) بين كل (10) أطفال في سن السابعة مصابون بتسوس الأسنان، ونسبة التسوس في السعودية للأطفال من (6-7) سنوات ارتفعت من (83%) عام 1996م إلى (96%) عام 2006م، فيما تبلغ هذه النسبة (0%) في بريطانيا، و(24%) في أمريكا، و(39%) في ايرلندا"، وفيما يلي نص الحوار: المشروع «حل غير تقليدي» وتطبيقه يخفض الإنفاق الحكومي والخاص على تكاليف العلاج ارتفاع الإصابات * ما مدى انتشار الإصابة في أمراض الأسنان والفم في المملكة؟ - المملكة طبقاً لإحصاءات ودراسات رسمية تسجل أعلى المعدلات في العالم في الإصابة بتسوس الأسنان، حيث تسجل أمراض الفم والأسنان أرقاماً قياسية على مستوى العالم، وتسوس الأسنان هو أحد هذه الأمراض، إذ يوجد (9) بين كل (10) أطفال في سن السابعة مصابون بالتسوس، وكثير من الدول المتقدمة استطاعت خفض الإصابة في نسب التسوس كإنجاز صحي مهم، وذلك من خلال التخطيط والصرف على المشروعات الوقائية، إضافةً إلى التوعية الصحية بهذه الأمراض، واستطاعت "بريطانيا" خفض معدلات التسوس في الأسنان اللبنية بنسبة (55%) لدى الأطفال البالغين من العمر خمس سنوات، كما انخفضت نسبة التسوس في الأسنان الدائمة بنسبة (75%) لدى الأطفال البالغين من العمر اثني عشر عاماً، بينما ارتفعت نسبة الأطفال الخالين من التسوس من (28%) إلى (55%) لدى الأطفال البالغين من العمر خمس سنوات، ومن (7%) إلى (50%) لدى الأطفال البالغين من العمر اثني عشر عاماً. «هلام الفلورايد» يقي من أمراض التسوس استراتيجيات مهمة * إذاً فالتوعية وحدها ليست كافية بدون المشروعات الوقائية؟ - نعم، التوعية وحدها لم تكن كافية لتحقيق هذا الانجاز، حيث تبنت الدول المتقدمة ونفذت مجموعة من الإستراتيجيات المهمة لخفض نسب التسوس في بلدانها، ومن أهم هذه الاستراتيجيات وضع "الفلورايد المركزي" في مياه الشرب، وتنفيذ برامج الوقاية الأخرى المختلفة مثل "الفلورايد" في المدارس، إضافةً إلى استخدام الطبقة البلاستيكية اللاصقة، ويعرف هذا النوع من الحشوات أنّه عبارة عن طبقة بلاستيكية رقيقة يطلى بها السطح الطاحن للضرس لسد الشقوق في الأضراس الخلفية بمجرد بزوغها في فم الطفل -في سن السادسة-، وتعتبر هذه الطبقة وسيلة فعالة جداً للوقاية من تسوس الأسنان؛ إذ أنّها تعمل كطبقة عازلة ضد التسوس، كما يأتي التثقيف والتوعية للمجتمع عامةً وللأطفال خاصة كعامل مهم لمنع إنتشار تسوس الأسنان. التأمين الطبي لأسنان الأطفال يخفض من مصاريف الرعاية الصحية الحكومية وقاية وعلاج * ما هو الفرق بين الحشوات الوقائية والعلاجية؟ - تكلفة الحشوات الوقائية تعتبر منخفضة ونسبة نجاحها عالية جداً، ولا تحتاج وقتاً طويلاً، كما أنّ نسبة التوفير فيها عالية جداً، بينما تعتبر تكلفة الحشوات العلاجية عالية جداً، ونسبة نجاحها عالية نسبياً، وتحتاج وقتاً كثيراً، ولا توفير فيها، والحشوات المالئة للشقوق تعتبر حشوة تحفظيّة، وتوضع على السن السليم فتحميه من التسوس، بينما يعتبر "الفلورايد" من المواد المانعة للتسوس بعدة طرق؛ حيث يقلل فعالية "البكتيريا" لإحداث التسوس، ويدخل في تكوين السن فيكون أكثر مقاومة للتسوس، كما يساعد على إعادة بناء السن. د. محمد العبيداء بوليصة تأمين * ماذا يمكن للحد من تنامي إصابات الفم والأسنان؟ - أقترح أن تشتري الحكومة بوليصة تأمين لجميع طلاب وطالبات السنة الأولى ابتدائي عن طريق شركات التأمين، وأن تعمم شركات التأمين على جميع العيادات التي ضمن شبكتها بقبول طلاب السنة الأولى ابتدائي، وتقديم (3) خدمات مهمة تشمل تنظيف وتلميع الأسنان، والتدريب على الاستخدام الأمثل لأدوات صحة الفم والأسنان، ويشمل ذلك تثقيف وتدريب الأمهات أو الآباء المرافقين للأطفال خلال تلك الزيارة، وكذلك عمل الحشوات الطلائية الواقية، وهي الخطوة الأساس في هذا المشروع على الأضراس الأربعة الدائمة حديثة البزوغ في السن (6-7) سنوات، إضافةً، إلى تطبيق هلام "الفلورايد" المركز بواقع مرتين خلال السنة، وقد بيّنت إحصائية وزارة التربية والتعليم أنّ عدد الطلاب المسجلين في الوزارة في السنة الأولى ابتدائي بلغ (409184) طالباً وطالبة خلال العام الدراسي 1430-1431ه حيث يبلغ عدد الطلاب (202925) طالباً، بينما وصل عدد الطالبات (206259) طالبة. وأبرز الخدمات التي يتم تقديمها خلال هذا المشروع هي تطبيق سادات التجاويف للأضراس الدائمة -الحشوات المالئة للشقوق-، والتي من المعروف بفعاليتها ضد التسوس، حيث تصل نسبة الفعالية (83%) خلال سنة واحدة، و(53%) خلال (15) سنة، كما يتم من خلال هذا المشروع تقديم خدمات تنظيف وتلميع الأسنان، وتطبيق "الفلورايد" الموضعي مرة واحدة أو مرتين خلال السنة الدراسية، حيث سيخفض تطبيق الفلورايد أربع مرات خلال سنتين نسبة الأسنان المتسوسة إلى (29.9%)، وعند تطبيقه ست مرات خلال ثلاث سنوات ستنخفض نسبة الأسنان المتسوسة إلى (47.4%)، كما تشمل الخدمات تقديم نصائح وإرشادات لتعليم الأطفال والأمهات للطريقة الصحيحة لتنظيف الأسنان، حين زيارة الطفل لعيادة الأسنان. شركات التأمين * مشروع كبير كهذا قد لا يجد تأييداً من شركات في التأمين؟ - إفادة بعض العاملين في مجال التأمين الطبي أثبتت أنّه بإمكان شركات التأمين التعاقد على تقديم هذه الخدمة للطلاب، والتأكد من تطبيقها بالشكل المطلوب، وأنّه بإمكان التفصيل بآلية التعاقد وتكلفة شراء هذه البوليصة بدراسة أخرى إن لزم الأمر. وتطبيق مشروع التأمين الطبي سيعود بفائدة عظيمة على الوطن والمواطن، خاصةً الطبقة ذات الدخل المنخفض والمحرومة من الرعاية الصحية الجيدة، حيث سيسهم في نشر الوعي السليم بين الطلاب والطالبات وعوائلهم، كما سيسهم في خفض معاناة العوائل من تسوس أسنان أبنائهم، وكذلك تخفيض الإنفاق الحكومي والخاص على علاجات الأسنان، وسيسهم كذلك في تقليل الاحتياج لعيادات وزارة الصحة والعيادات الخاصة للعلاج، إضافةً إلى إنشاء جيل جديد معافى من أمراض الفم والأسنان -بإذن الله-، وتقليل نسب الغياب عند المدارس بسبب آلام الأسنان وتبعات ذلك على الناحية التعليمية، وكل ريال يصرف على الوقاية يأتي بعائد توفيري بما يزيد على خمسين ضعفا، كما أنّ قيمة شراء هذه البوليصة حوالي (50) ريالا للطالب أو الطالبة الواحدة توفر على الدولة ما يزيد على (5000) ريال. * كلمة أخيرة آمل أن يتبنى صانعو القرار في المجال الصحي بالمملكة هذا المشروع بفكرته ومضمونه، حيث يتضمن أساليب وقاية وتوعية غير تقليدية للحد أو التخفيف من نسب الإصابة العالية بهذا المرض، والذي يكبد الاقتصاد الوطني خسائر قد تصل إلى عشرات المليارات خلال سنوات إذا لم يتم اتخاذ إجراءات وقائية سريعة وفعالة وغير تقليدية، والمملكة ما زالت تفتقر لمثل هذه المشروعات الوقائية الفعالة، على الرغم من أنّ حكومة خادم الحرمين الشريفين دعمت وزارة الصحة خلال السنوات القليلة الماضية بميزانيات تاريخية لم يسبق لها مثيل، ومعظم المبالغ المصروفة من قبل الوزارة تذهب في زيادة عدد المستشفيات ولا ينفق إلاّ القليل منها على تطوير مستوى الخدمات الصحية.